ينكروا مع قدرتهم عليه يكون ذلك كاشفا عن رضى منهم ، فيصيرون مثلهم في الإثم أو الكفر ؛ لأنّ الرضا بالكفر كفر.
الثانية : قاعدة «نفي السبيل على المؤمنين» المستندة لقوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ، وللأخبار الكثيرة المذكورة في أبواب متفرّقة من الفقه.
ويمكن أن يقال : إنّ هذه القاعدة فطريّة ، وإنّ الآية المباركة والسنّة الشريفة من باب الإرشاد ؛ لأنّ إكمال الدين ـ بقوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [سورة المائدة ، الآية : ٣] ورضاؤه تعالى به ، وختم النبوّة به ، يقتضي أن يكون متفوقا ، أو ممتازا في جميع جهاته على غيره ، ممّا يوجب البعد عنه تعالى ، وإلّا يستلزم الخلف وتعلّق رضائه بالناقص ؛ لأنّ الإيمان الّذي يكون للكافر عليه سبيل لم يكن على حدّ الكمال فكيف يتعلّق رضاؤه به؟!
مع أنّ الأديان السابقة كلّها تكون مقدّمة لهذا الدين ، فيستلزم عقلا أن يكون لهذا الدين تفوقا كاملا عليهم ، وأنّ العمدة في التفوق الحجّة بل هي الأصل ، وغيرها لا يكون تفوقا كما مرّ في التفسير.
ومن هنا كانت القاعدة غير قابلة للتخصيص لما عرفت أنّها عقليّة ، هذا إن فسّرنا السبيل بالحجّة ، كما تقدّم في البحث الروائي.
وأمّا إن فسّرناه بمطلق السلطة والاستيلاء كما عن بعض الفقهاء ، حيث تمسّكوا بها في كتاب العتق في مسألة ما لو أسلم العبد وكان مولاه كافرا ، وكذا لو أسلمت الزوجة دون الزوج ، وفي الخيار عند ردّ المشتري العبد المسلم بالخيار الى البائع الكافر فيرجع الى البدل ، فحينئذ تخرج عن كونها عقليّة وتختصّ بموارد خاصّة.
ولكن سياق الآية المباركة يأبى عن ذلك ، وانّ المراد من نفي السبيل نفي الحجّة.