فمن الكتاب قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) وغيره من الآيات المباركة.
ومن السنّة روايات كثيرة ، منها الحديث المشهور المعروف عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» ، وغيره ممّا ورد في الأبواب المتفرّقة في كتب الفقه.
وضرورة الدين أيضا تقتضي ذلك ، فضلا عن الإجماع.
وأمّا العقل ، فحكمه البتي بالفساد في متابعة عقائدهم ونصرتها وأنّ ذلك يوجب خسران الدنيا والآخرة.
ولا فرق في الفساد الّذي يكون موجبا لشمول القاعدة بين أن يكون في الحال أو في المستقبل من الزمان ، فلو حصل للمؤمن الاطمئنان بأنّ متابعة الكافر تستلزم انقلاب عقيدته وفساد أخلاقه بتزلزل إيمانه في المستقبل ، يحرم عليه المتابعة.
وهذه القاعدة عقليّة كشف عنها الشارع امتنانا ، إذ العقل يحكم بالبعد عن ما يضرّ بالعقيدة ويوجب فسادها كما هو واضح ، وتطبيق القاعدة على مواردها موكول الى الفقه.
الخامسة : قاعدة : «الإسلام يجب ما قبله» ، وكيفيّة استظهارها من الآية الشريفة تقدّمت في البحث الدلالي فلا وجه للاعادة.
وعن بعض المفسّرين أنّه استشهد بقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) ؛ للقاعدة المعروفة في القضاء من : «انّ أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة أو الرابعة».
ولكن الاستشهاد بها في غير محلّه ؛ لعدم انطباقها على القاعدة ، وأنّ سياقها في اصول الدين والعقيدة والقاعدة أعمّ ، ولا بدّ في مورد القاعدة التخلّل بالحدّ في مرتكب الكبيرة كما هو مصبها ، والآية الكريمة لا تدلّ على ذلك أصلا ، فإنّ محو الكفر يتحقّق بالتوبة أيضا ، وأنّ القتل في القاعدة يوجب محو الذنب والغفران ،