وعلى فرض الإطلاق ، لا أثر لعمل المنافق ؛ لأنّ الجزاء بيده تعالى ، قال عزوجل : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) [سورة الفرقان ، الآية : ٢٣] ، وعلى فرض أنّ الجزاء أو الثواب من الآثار الوضعيّة ـ وأنّ الرياء مانع ـ لكن الآثار الوضعيّة من شؤون الإمكان ، وتقدّم في أحد مباحثنا أنّ يد القدرة تنالها أيضا ، هذا.
ويمكن أن يقال : إنّ صفة النفاق لها مراتب ودرجات ، وإنّ الجزاء في أعماله الصالحة تابع لها حسب الشدّة والضعف أو المراتب والدرجات. وفيه تأمل أيضا والله العالم بالحقائق.
بحث أخلاقي
ذكرنا في أحد مباحثنا الأخلاقيّة أنّ الإنسان يختلف عن غيره من المخلوقات ، إنّه كائن أخلاقي له استعداد فطري بالاتّصاف بمكارم الأخلاق أو بمساويها ، فهو يسعد أو يشقى بمكوّناته الأخلاقيّة ، وذكرنا أنّ نظرية القرآن تختلف عن سائر المذاهب الأخلاقيّة ، فإنّ المهمّ في نظر القرآن الكريم أن يتّصف الإنسان بالتقوى والسعي في تحصيل هذه الملكة الّتي تجتمع فيها جميع الفضائل.
ولا تعير أهميّة لما يقال في هذا المضمار من المذاهب والنظريات ، الّتي تبعد الإنسان عن الواقع والحقيقة أكثر ممّا تلتمس حلا لهذه المشكلة الّتي طالما كتب عنها الفلاسفة والعلماء ، وقد ذكرنا نبذة منها في قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ