يبطن الكفر ، والاستهزاء بآيات الله تعالى وبالمؤمنين. والمخادعة تؤثّر في النفس وتجعلها مشكّكة وتسلب الثقة عنها بالكليّة.
الخامسة : الرياء والكسل في العبادة ، فإنّ من لا يؤمن بالله العظيم ولا يعتقد بآياته الكريمة وتوجيهاته القيمة ، ويطلب المنفعة في جميع أفعاله ، وقد سلب الثقة عن جميع ما حوله ، لا تصدر عنه العبادة ، ولا رغبة له فيها ، بل يأتي بها لأجل تحقق أغراضه وإرضاء نزواته الماديّة.
والكسل في العبادة من آثار سلب التوفيق ، ولم يكن شيء أعظم أثرا على الإنسان من سلب التوفيق ، ولا يمكن أن يشعر به إلّا من تخلّى عن تلك الرذائل.
هذه هي الصفات الّتي عدّها عزوجل من النفاق ، وهي بحقّ أمهات الرذائل ، وتتشعّب كلّ واحدة منها الى صفات اخرى مهلكة ، فيكون النفاق مجمع الرذائل ؛ ولذا كان الجزاء عليه عظيما ، وإن كان يشترك مع الكفر في نار جهنّم إلّا أنّ النفاق في الدرك الأسفل منها ، ويدلّ عليه الشروط الّتي اشترطها عزوجل في التوبة منه ؛ لأنّ النفاق يؤثّر في جميع جوانب الإنسان النفسيّة ، والتربويّة ، والأخلاقيّة ، والعقائديّة ، والفرديّة ، والاجتماعيّة ، فهو الداء العضال الّذي لا يمكن أن يزول بأدنى استغفار كما في سائر المعاصي ؛ لما له من الجذور الّتي يصعب قلعها من النفس ، ويأتي التفصيل في موضع آخر إن شاء الله تعالى.
ثمّ إنّ للنفاق وجوها مختلفة ، فقد يكون في الاعتقاد ، سواء كان بالنسبة الى الرسول صلىاللهعليهوآله بأن يظهر الإيمان بعلمه مثلا وهو يعتقد جهله والعياذ بالله تعالى ونحو ذلك.
أو بالنسبة إلى المؤمنين ، كأن يظهر حسن النيّة والتصرّف معهم ، وهو يعتقد فسقهم وفسادهم ونحو ذلك.
أو يكون في الأعمال ، كأن يصلّي مع المؤمنين وهو يريد الخديعة بهم أو يحضر مجالسهم وهو يريد الإيقاع بهم ، أو يصلّي رياء ، أو ينفق وهو يطلب المنفعة أو الخديعة بالمنفق عليهم. ومن هذا القسم إظهار الطاعة العلانية وعصيان الله