(لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً (١٤٨) إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (١٤٩))
يذكر سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين الشريفتين أحد توجيهاته ، القيمة الّتي لها الأثر الكبير في توحيد صفوف المؤمنين واتّحاد كلمتهم ، بعد أن حكي لهم عزوجل أحوال أعدائهم من الكافرين والمنافقين الّذين يريدون خديعتهم والإيقاع فيهم ، وإيجاد ثغرات ينفذ منها أعداء الله تعالى ، ففي هذه الآية المباركة يومي عزوجل الى تصفية النفس من الأضغان ونبذ السوء من القول الّذي يؤثّر في النفوس فتوهن العزائم ويضعف التماسك ، فيتخذها الأعداء وسيلة للنفوذ فيهم.
وما ورد في الآية الشريفة حكم تربوي لإصلاح النفوس وتطهيرها من الضغائن والأحقاد ، وقد حذّرهم عزوجل بأنّه يعلم كلّ ما في نفوسهم ولا تخفى عليه خافية ، فلا بدّ من إصلاحها بالعفو حتّى يشملهم عفوه ورحمته.
ولا يخفى ارتباط هاتين الآيتين الكريمتين بما سبق من الآيات الشريفة ، فإنّ هذه السورة تضمّنت كثيرا من التوجيهات التربويّة لإصلاح النفوس وتصفيتها ، وقيما أخلاقيّة لينال المجتمع بها سعادته ، وأحكاما سامية ليحفظ المؤمن مكانته.
التفسير
قوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ).
محبّة الله تعالى هي رضاءه وإنعامه بالثواب وتفضّله على عبيده ، وعدم محبّته هو سخطه وعقابه ، وتقدّم ما يتعلّق بها في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ