قولا أم فعلا أم النية ، فيحسن أن تكون النيات حسنة والنفوس خيرة ، ففي الألفاظ اليسيرة الّتي لها وقع في النفوس المستعدة معان كثيرة ، وقد ذكر القرآن الكريم مصاديق كثيرة للخير ، منها : قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٧١].
ومنها : العفو الّذي يذكره عزوجل بعد ذلك : (أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ).
ومنها : الإيمان بالله العظيم ، قال تعالى : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢١].
ومنها : الصلح والإصلاح في مورد الخصومة والتباعد ، قال تعالى :(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [سورة النساء ، الآية : ١٢٨] ، وقال تعالى : (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢٠] ، إلى غير ذلك من الموارد الّتي ذكرها الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم.
وإنّما ذكر عزوجل إبداء الخير ؛ لما فيه من الترغيب إليه وتشويق الناس له ، كما ذكر الإخفاء فيه لقربه الى الخلوص وبعده عن الرياء ؛ ولأنّ الإخفاء أوقع في النفس وأثبت.
قوله تعالى : (أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ).
تخصيص بعد تعميم تنويها لفضله وتنبيها لمنزلته العظيمة في تصفيه النفوس وربط الصفوف ، وبيان لأظهر مصاديق الخير.
والعفو عن السوء هو الستر عليه ، وإطلاقه يشمل العفو في القول بأنّ لا يذكر ظلم ظالمه ، والعفو في الفعل بالصفح عن المسيء وأن لا يواجهه بما يسيئه ، ولا ينتقم منه ، وأعظم منه أن يكافأه بالإحسان ، فإنّ الله يحبّ المحسنين ، كما في قوله