بحوث المقام
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأوّل : تدلّ مجموع الآيات الشريفة على حقيقة أعمال الرسل وبعض خصوصياتهم ، فقد ذكر عزوجل أنّ الأنبياء والرسل إنّما بعثوا لهداية الناس إلى الكمالات ، وإخراجهم من الظلمات إلى النور ، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم ، الذي يوردهم إلى السعادة والفوز بالفلاح والدخول في الجنّة.
وبيّنت الآيات الشريفة أنّ الأنبياء عليهمالسلام هم من أفراد البشر لا يختلفون عنهم ، فليسوا خارجين عن هذه الحقيقة ، ولم تكن لهم مزيّة عن بقية أفراد الناس إلّا بما ميّزهم الله تعالى بالفيض القدسيّ والوحي الإلهيّ ، وصفاء السريرة ، وتميّزوا بالتقوى والعمل الصالح ، وقد شدّد النكير على من يخرجهم عن هذه الحقيقة ويدخلهم في مصاف الإله أو الملائكة.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ، على أنّ أهل الكتاب قد أخفوا كثيرا من الأحكام الإلهيّة والمعارف الربوبيّة ، وكان لإخفائهم لها أساليب متعدّدة ومظاهر مختلفة ، وقد حكى القرآن الكريم العديد منها في مواضع متعدّدة ، وهو يدلّ على تحريفهم لكتبهم المقدّسة وبعدهم عن الحقّ وانطماس نور الفطرة فيهم.
الثالث : يدلّ قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ) ، على أنّ غرض الكتاب الإلهيّ والقرآن العظيم هو بعث نور الفطرة في النفوس وإزاحة ما يوجب انطماسه واضمحلاله ، وبيان ما أفسده الزائفون المضلّون.
وتعدّ هذه الآية الشريفة من معاجز القرآن الكريم ، فإنّه لو لا هذا النور المبين