ويمكن عدّ هذه الآية الشريفة من الآيات المعدودة التي تبيّن حقيقة السبيلين سبيل الله وسبيل الشيطان.
السادس : يستفاد من قوله تعالى : (وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ) ، أنّ الخروج من الظلمات إلى النور الذي هو من آثار الكتاب المبين لا بدّ أن يكون بإذنه عزوجل ومورد مشيئته وعلمه ، لما له من الأهميّة العظمى في تهذيب النفوس ورفع الشبهات والشكوك وتنوير القلوب ، كما عرفت في التفسير ، وبهذا القيد يمكن إبطال دعوى المدّعين الزائفين الذين يدّعون الكمال وإخراج الناس من الظلمات ، فقد يكون الأمر بالعكس وهو لا يعلم بذلك ، فلا بدّ من التماس طرق الخروج من الظلمات إلى النور من صاحب الشرع فقط ، ويؤيّد ذلك ما يأتي من الآيات المباركة ، حيث ذكرت جملة من دعاوي أهل الكتاب وعقائدهم وهم يعتقدون صحّتها وأنّها تهدي من يعتقد بها إلى الصراط وتخرجه من الظلمات ، وقد عدّها عزوجل من الظلمات وأنّها من سبل الشيطان.
ومن جميع ذلك تعرف أهميّة هذا القيد (بإذنه) في المقام لسدّ جميع الذرائع الفاسدة والدعاوي الباطلة ، والتماس طرق الخروج من الظلمات إلى النور ممّن يعلم جميع الخصوصيات وبيده الكمال والسعادة.
السابع : يستفاد من ذكر امّ المسيح في الآيات الشريفة ، التنصيص على أنّ المسيح مخلوق حادث ، وأن له امّا ، فكيف يكون إلها؟!
كما أنّ الآيات الشريفة تحدّد حقيقة الإله في القرآن الكريم وسائر الكتب الإلهيّة ، وهي أنّه لا يتعلّق بشأن من شؤون الإله ولا بشيء من مخلوقاته قدرة غيره ، فضلا عن أن يعجزه شيء منها إذا تعلّقت إرادته بهلاكها ، وإلّا فلا يكون إلها ، ولا ريب في عدم انطباق هذا الحدّ على المسيح بن مريم عليه السلّام ، فإنّ عجزه بيّن كما هو معلوم ، فلا يستحقّ الألوهيّة.
والمستفاد من سياق قوله تعالى : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ