يُهْلِكَ) ، أنّ الإهلاك والإماتة والإعدام لم يكن عن سخط وغضب ، بل لإظهار القدرة التامّة ، وللإعلام بأنّ المسيح الذي نسبت إليه الألوهيّة إنّما هو داخل تحت قهره وملكوته سبحانه وتعالى ، فالآية المباركة تشتمل على نفي الألوهيّة عن غيره تعالى واختصاصها لنفسه عزوجل.
الثامن : يدلّ قوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) ، على انحصار الألوهيّة فيه جلّت عظمته ، لأنّ كلّ شيء مملوك له تعالى ، ومنه المسيح ، والمملوكيّة تنافي البنوّة ، كما يدلّ على نفي الشريك في ألوهيته ببيان نفوذ مشيئته وشمول قدرته ، لأنّه الله الجامع لجميع صفات الكمال ، ولعلّه لذلك كرّر لفظ الجلالة في هذه الآية الكريمة مرّات.
التاسع : يدلّ قوله تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) ، على أنّ الناس من هذه الحيثية وهي كونهم بشرا خلقهم الله تعالى ، كسائر خلقه على حدّ سواء ، لا مزيّة لأحدهم على الآخر ، فهم مخلوقون مربوبون ، لا يمكن لأحد منهم الاستغناء عن خالقه ومربوبه ، والقرب والبعد عن رحمته ، إنّما يحصلان من ناحية العبد المخلوق ، فمن آمن وعمل صالحا فسوف يغفر الله تعالى له ، فيستحق المعافاة ، ومن كفر فسيعذّبه الله ، وهذا ينافي ما ادّعاه أهل الكتاب من أنّهم أبناء الله وأحباؤه ، كما عرفت في التفسير.
العاشر : إنّما ذكر سبحانه وتعالى : (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ) دون ما يرادفه من الألفاظ كالإنسان ، لأنّ البشر متمحّض في المادة وتحمّل المكاره دون الإنسان وغيره ، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) [سورة ص ، الآية : ٧١] ، فعبّر عن الخلق من المادة (طين) بالبشر ، وكذا قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً) [سورة الفرقان ، الآية : ٥٤] ، فتدلّ الآية الشريفة على بطلان زعمهم من أنّهم أبناء الله.
الحادي عشر : يستفاد من قوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما