بَيْنَهُما) ، وحدانيّة الله تعالى وانحصار الألوهيّة فيه ونفي الشريك ، ونفوذ مشيئته وإرادته ، وأنّه لا يعجزه شيء من ما ملكه ، فإنّه مقهور تحت إرادته وسلطانه وعاجز عن معارضته.
وتعدّ هذه الآية الشريفة من أهمّ الآيات القرآنيّة على إثبات تلك الأمور ، ولعلّه لذلك كرّره عزوجل في المقام للتأكيد ، وللإعلام ببطلان دعاوى الزائفين الضالّين ، فإنّ الله جلّ شأنه هو المستجمع لجميع صفات الكمال ، وليس غيره كذلك.
بحث روائي :
في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ، قال : «يبيّن لكم النبيّ ما أخفيتموه ممّا في التوراة من أخباره ، ويدع كثيرا لا يبيّنه».
أقول : لعلّ عدم بيانه صلىاللهعليهوآله لما في التوراة لمصالح كثيرة رحمة منه صلىاللهعليهوآله عليهم ، لأنّه نبيّ الرحمة ورسول الرأفة ، أو كان ذلك من المعارف التي وردت في القرآن نظيرها ، أو الأحكام التي لا تختلف مع ما ورد في الشريعة الإسلاميّة. أو كان ذلك التأخير حتّى تستكمل عقولهم بالبراهين الربّانيّة ، إلى غير ذلك ممّا يمكن إن يقال في المقام.
وفي الدّر المنثور عن ابن عباس قال : «من كفر بالرجم ، فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب ، قال تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ) ، قال : فكان الرجم ممّا أخفوا».
أقول : قد تقدّم أنّ الإيمان بالقرآن وحدة متكاملة وإنكار أحد أحكامه يوجب الكفر بجميعه ، وأنّ المراد بالكفر الوارد في الحديث هو الإنكار له المستلزم للكفر ، وأنّ الرجم كغيره من الأحكام ، ورد في التوراة المصونة من يد التحريف ، كتمته اليهود وبيّن ذلك النبي صلىاللهعليهوآله.