فأوقعهم عزوجل في التيه ، لتهذيب تلك النفوس المريضة وترويضها على تحمّل التكاليف.
وفي سرد هذه القصة للرسول صلىاللهعليهوآله والمؤمنين العبرة والموعظة والتذكير. وبيان كيفيّة نقضهم للمواثيق التي أمر الله تعالى بالوفاء بها ، وقد ذكر جلّ شأنه جملة منها في ما سبق من الآيات الشريفة ، وفي آيات المقام ذكر تعالى جملة اخرى.
التفسير
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ).
تذكير لليهود بالنعم الجسام ، وتوطئة لبيان شناعة فعلهم في نقض المواثيق وكفران نعم الله تعالى. وتفصيل لكيفيّة نقضهم المواثيق وتسجيل عليهم بما سلف منهم من الجنايات.
والخطاب للرسول الكريم إعراضا عن خطابهم ، وقد ذكر عزوجل نداء موسى عليهالسلام لليهود الدالّ على كمال القرب والمزيّة لهم بالاعتناء بهم ، حيث أضافهم إلى نفسه ثمّ عقّبه بتذكيرهم بما خصّهم من الآلاء والنعم الجسام ، استمالة بهم ونصحا لهم في تنفيذ مواثيقه عزوجل.
وتقدّم الكلام في معنى النعمة في قوله تعالى : (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) [سورة المائدة ، الآية : ٣] ، وهي إما مصدر أو اسم مصدر ونسبتها إلى الله تعالى تدلّ على شرفها وعظيم النعمة منه عليهم.
والمراد منها في المقام جنس النعمة ومجموع النعمة التي أنعم الله عليهم وخصّهم بها ، وفي ذكرها بالمقام التذكير باستزادتها ، واستتمامها وطاعتهم لله تعالى ورسوله شكرا منهم على تلك النعمة ، وتنشيط همّهم لتنفيذ أحكامه عزوجل ، والوفاء بعهوده عموما ، والدخول في الأرض المقدّسة خصوصا ، لأنّ دخولهم لها