يحتاج إلى مزيد الهمّة والنشاط ، فإنّ به تتمّ النعمة وتتّضح حقيقتهم بعد الجهد المرير والعمل الدؤب في إصلاحهم ، كما أنّ به يتحقّق استقلالهم.
وكيف كان ، فإنّ النعم التي اختصّت بها بنو إسرائيل كثيرة ، وقد ذكر تعالى في المقام ثلاثة أنواع منها للتذكير ، والموعظة ، ومزيد الاعتناء ، وتذكيرهم بالوقت الذي وقعت فيه النعمة أبلغ من تذكيرهم بما وقعت فيه.
وظاهر الآية الكريمة أنّ ما ورد فيها كان بعد خروجهم من مصر وإنجاء الله تعالى لهم من ظلم فرعون والمصريين ، وأنّ قضية التيه كانت في الشطر الأخير من زمان مكث موسى عليهالسلام فيهم ، ويؤكّد ذلك ما ورد في بعض الروايات أنّه عليهالسلام مات في التيه.
قوله تعالى : (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ).
تفصيل بعد إجمال ، وقد قسّم سبحانه وتعالى النعم التي أنعمها على بني إسرائيل إلى نعم معنويّة ـ منها : جعل الأنبياء فيهم الذين هم واسطة الفيض وسبب الاستكمال وظهور المعجزات الباهرات على أيديهم التي كانت السبب الوحيد في ظهور الحقّ وإنقاذ بني إسرائيل من الظلم وخروجهم من مملكة الجبابرة والعتاة ـ وإلى نعم ظاهريّة ، وهي جعلهم ملوكا ذوي كيان مستقل بعد أنّ كانوا أذلاء مستعبدين في حكم الطغاة ، كما حكى عزوجل حالهم في عدّة مواضع من القرآن الكريم ، فكانت هذه الآية المباركة من أهمّ الآيات الشريفة التي تذكّرهم بضروب الآلاء والنعم ، وتعرّفهم باعتنائه سبحانه وتعالى بهم وتفضيلهم على من عاصرهم ومن تقدّمهم من الأمم ، فقد خصّهم بأعظم النعم وأشرفها ، وهي أنّه تعالى جعل كثيرا من الأنبياء فيهم ، الذين هم من عمود نسبهم ومن قومهم بالخصوص ، وقد ذكر عزوجل أسماء جملة منهم في القرآن الكريم ، مثل إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويوسف والأسباط ، وموسى ، وهارون ، وغيرهم ممّن هم من المستعلنين ، وأما المستخفون الذين لم يرد ذكرهم في القرآن الكريم فهم كثيرون ، وقد امتازت بنو إسرائيل بهذه النعمة العظيمة ، فلم تكن امّة من الأمم في مرّ