وجملة : (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) صفة ثانية لرجلين ، أو اعتراض. وقيل غير ذلك.
و (أبدا) في قوله تعالى : (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها) ، معنى الدهر الطويل ، و «ما داموا فيها» بدل من «أبدا» ، إما بدل البعض ، أو بدل الكلّ من الكلّ ، أو عطف بيان لوقوعه بين النكرتين.
ويجوز في أخي (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) وجوه من الإعراب ، منها : إنّه منصوب بالعطف على اسم «ان» ، أو أنّه مرفوع بالعطف على فاعل (املك) للفصل ، أو أنّه مبتدأ خبره محذوف ، أو أنّه مجرور بالعطف على الضمير المجرور على رأي بعض النحويين. وأشكل على بعض الوجوه بأمور مذكورة في محلّها فراجع.
وأما قوله تعالى : (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) ، فالمعروف أنّ الأربعين ظرف منصوب ب (محرمة) ، فيكون التحريم مؤقتا بهذه المدّة ، فلا تنافي بينه وبين قوله تعالى : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ، لأنّ الكتابة غير مؤقتة والتحريم مؤقت ، وهو الظاهر من الآية المباركة كما عرفت آنفا ، ويأتي في البحث الدلالي مزيد بيان.
وقيل : إنّ الأربعين ظرف لقوله تعالى : (يَتِيهُونَ) مقدّما عليه ، فيكون التحريم مؤبدا ، إذ التقدير : فإنّها محرّمة عليهم أبدا يتيهون في الأرض أربعين سنة.
والظاهر هو الوجه الأوّل ، ويؤيّده أنّ الغالب في الاستعمال تقديم الفعل على الظرف ، لا تأخّره عنه. وعلى فرض القول بالوجه الثاني ، فإنّ التحريم لا يكون مؤبّدا ، لقوله تعالى : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ، فإنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين.
وقوله تعالى : (يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) إما بيانيّة لكيفيّة حرمانهم ، أو حال من ضمير (عليهم).