أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٩٦] ، وفي الحديث : «انّ الظلم يذر الديار بلاقع من أهلها» ، وقد دلّت عليه التجربة.
الخامس : يدلّ قوله تعالى : (يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) ، أنّ الخوف من الله تعالى يوصل الإنسان إلى المقامات السامية والمنازل العالية ، وأنّه ممّا يوجب أن ينعم الله تعالى عليه بأنواع النعم الإلهيّة.
السادس : يمكن أن يستفاد من حذف المتعلّق في قوله تعالى : (يَخافُونَ) العموم ، أي : الخوف من الله العظيم والعمالقة ، وخوفهم من الله تعالى ؛ لأنّهما كانا على درجة من الإيمان ، والخوف من العمالقة ؛ لأنّهم كانوا ذوي سطوة وقوّة ولا يمكنهم الغلبة عليهم إلّا بالحيطة والحذر واتخاذ الأسباب الظاهريّة ، ثمّ التوكّل على الله تعالى ، ولذا اقترحا على قومهم من بني إسرائيل بالدخول عليهم الباب ، والخوف من أبناء قومهم في إظهار الحقيقة وبيان الواقع لهم لضعف إيمانهم ، ولوجود الذلّ الكامن في نفوسهم ، ولذا دأبوا على إنكار الحقّ ومجابهة المحقّ بأسوأ إنكار.
وعلى هذا تكون الآية الشريفة من الأدلة على تشريع التقيّة وجوازها ـ بل وجوبها ـ في مورد الخوف والضرر حسب اختلاف الموارد.
السابع : يدلّ قوله تعالى : (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) ، على غاية رقي الإنسان في مدارج الكمال ، بحيث يملك نفسه ويقدر في التسيطر على مشاعره وتوجيهها إلى الصراط المستقيم وجعلها تحت إرادته عزوجل واتّباع شرائعه وتوجيهاته وإرشاداته ، ولا يمكن الوصول إلى هذه الدرجة الراقية من الكمال إلّا بالمجاهدات الكبيرة والتزام الطاعة والتقوى واجتياز المراحل الصعبة التي تكون في هذا الطريق ، ولم يصل إلى هذه المرتبة إلّا المخلصون من عباد الله تعالى الذين استثناهم إبليس من غوايته ، كما حكي تعالى عنه بقوله : (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [سورة الحجر ، الآية : ٣٩ ـ ٤٠].
والآية الشريفة تدلّ أيضا على عظمة هارون أخي موسى عليهماالسلام ، فقد كان