والصلاح ، وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله تعالى.
العاشر : يستفاد من قوله تعالى : (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً) ، أنّ حرمة الدخول إلى تلك الأرض المقدّسة مغياة إلى أربعين سنة ، فإنّ هذه المدّة كافية لتصفية النفوس وتزكيتها وتهذيب القلوب من الفساد وتربية الأبدان على تحمّل المشاقّ ، وقد ذكرنا في أحد مباحثنا السابقة أنّ لعدد الأربعين الأثر الكبير في ذلك.
وذكر بعضهم أنّ الحرمة أبديّة ، جزاء أعمالهم السيئة وهتكهم لحرمات الله تعالى وجرأتهم على نبيّه الكليم ومجابهته بأسوإ مجابهة ، ولكنّ هذا القول ينافي ظاهر الآية الشريفة ، فإنّ الحرمة فيها لم تكن تشريعيّة بحتة ، بل للحرمة التكوينيّة فيها مجال واسع ، فإنّه بعد ظهور نواياهم الفاسدة وسريرتهم المريضة لا يبقى موضوع للدخول إليها ، فإنّه مشروط بأمور أغلبها إن لم تكن كلّها منتفية عندهم آنذاك ، فلا بدّ من علاج ذلك ليتسنّى لهم الدخول ، فإنّهم امّة تميّزت عن غيرها بأن أنعم الله تعالى عليها بعد العذاب المرير الذي قاسوه مدّة مكثهم في مصر ، على أنّ أرض الله تعالى لم تكن ملكا لأحد من عباده ، فإنها يرثها عباد الله الصالحون ، فكانت فترة التيه كافية لتربيتهم على الصلاح ، فإن كانوا كذلك ، فهم الوارثون وإلّا فسيرثها غيرهم من الصالحين ، وللبحث تتمّة يأتي في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى.
بحث روائي :
في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) ، يعني : في بني إسرائيل لم يجمع الله لهم النبوّة والملك في بيت واحد ، ثمّ جمع الله ذلك لنبيّه».
أقول : الرواية في مقام بيان أفضليّة نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله على موسى عليهالسلام ،