«قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : مات داود النبي يوم السبت مفجّوا ، فأظلّته الطير بأجنحتها ، ومات موسى كليم الله في التيه ، فصاح صائح من السماء : مات موسى وأيّ نفس لا تموت».
أقول : لعلّ الوجه في تظليل الطير بأجنحتها كان احتراما وإكراما لداود ، وكان الصياح في السماء نعيا على موسى ، لأجل أهميّة الحادثة وتجليلا لشأنه عليهالسلام.
وفي الدّر المنثور في قوله تعالى : (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) ، قال : «أبدا» ، وفي قوله تعالى : (يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) قال : أربعين سنة».
أقول : ما ذكره خلاف ظاهر الآية الشريفة وأنّهم دخلوا الأرض المقدّسة كما في الآية الشريفة ، وتقدّم أنّ الحرمة وضعيّة لا تكليفيّة.
بحث تأريخي :
ذكرنا في أحد مباحثنا السابقة أنّ حياة بني إسرائيل كانت مليئة بخوارق العادات ، حافلة بالقصص العجيبة والحكايات الغريبة ، قلما تكون امّة غيرها بهذه المثابة ، فقد تميّزت بأنّها كانت مورد لطفه عزوجل وعنايته وإحسانه ، فأنعم عليها بما لم ينعم على غيرها من الأمم قبلها ، قال تعالى : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) [سورة البقرة ، الآية ١٢٢].
وقال تعالى : (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) [سورة المائدة ، الآية : ٢٠] ، وقد حكى القرآن الكريم جملة منها فصارت هذه الامة مثالا للكرامة الإلهيّة ، نستلهم ممّا أفاض عزوجل عليها من التشريعات والإرشادات والتوجيهات في تكوين الفرد تكوينا صالحا ، وبناء مجتمع سعيد وفق قواعد حكيمة متقنة.
والآيات الشريفة التي تقدّم تفسيرها قد سجّل فيها سبحانه وتعالى كلّيات النعم الإلهيّة التي تكرّم بها على بني إسرائيل ، وهي في نفس الوقت تعتبر القاعدة المتينة في بناء النظام الإلهيّ الدنيويّ والمجتمع السعيد ، فقال عزوجل : (وَإِذْ قالَ