ومنها : موت موسى بن عمران الذي تحمّل من العناء والتعب الشديدين في سبيل هدايتهم وإصلاح قومه ، وكذا مات هارون أخو موسى عليهالسلام ووزيره ووصيّه ، وقد كان موتهما بلا شكّ خسارة عظيمة لقومهما ، لا سيما أنّهم كانوا يجتازون أصعب الاختبار والامتحان.
ومنها : إنشاء أماكن محترمة ومعدّة للعبادة أصبحت من شعائر الله تعالى ، كقبّة الرمّان التي كانت خيمة لموسى بن عمران وأخيه هارون ، وطور سيناء وغيرها ممّا ورد ذكره في التوراة.
ومنها : ظهور الآيات العظيمة ، كنزول المن والسلوى ، والحجر الذي انبجست منه اثنتا عشرة عينا ، كما حكى الله تعالى في القرآن الكريم.
الحكمة من التيه :
ظهر ممّا ذكرنا الحكمة في التيه ، وأهمّها كما مرّ تهذيب الامّة وإصلاح المجتمع الذي ذاق طعم عذاب الذلّة والقسوة ، بحيث انهارت جميع ركائزها. ولو لا التيه لما تمكّنت بنو إسرائيل من إصلاح أنفسهم ممّا فرض عليهم في مصر ، وصارت كطبيعة ثانويّة لهم ، لا يمكن إزالتها إلّا بالدور الذي كتبه الله تعالى لهم. وقد تقدّم في التفسير بعض حكم اخرى فراجع.
بحث عرفاني
المستفاد من الآيات المباركة والسنّة الشريفة أنّ العذاب النوعيّ ـ أو الشخصيّ ـ الواقع على الأمم أو الأفراد لم يكن مجرّد نقمة من الله تعالى ، فإنّه خير محض وإليه ينتهي الخير ومنه يصدر كلّ خير ، ولا يمكن نسبة الشرّ إليه جلّت عظمته ، كما يأتي بيان ذلك في الآيات المناسبة له إن شاء الله تعالى ، فالامم التي حلّت بهم النكبات ووقع عليهم العذاب ، هي المسؤولة عن ذلك ، وهي التي