في ذلك ، فكانت النتيجة هي انتشار الفساد وخسران الإنسان.
وممّا ذكرنا يظهر ارتباط هذه الآيات بسابقتها ، من حيث أنّها تبيّن أنّ المنشأ لقتل ابن آدم أخاه هو الحسد الكامن في النفس ، الذي له مظاهر مختلفة ، فقد ظهر في ابني آدم فأوجب قتل أحدهما الآخر ، وفي بني إسرائيل له صور ومظاهر متعدّدة ، التي أوجبت ابتعادهم عن الحقيقة وإبائهم عن الإيمان برسول الله صلىاللهعليهوآله وإعراضهم عن الحقّ استكبارا.
ثمّ إنّ هذه الآيات المباركة تمهيد لما سيأتي ذكره من بيان حكم المحاربة وبيان جنايات بني إسرائيل.
التفسير
قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ).
خطاب لنبيّه الكريم صلىاللهعليهوآله بتلاوة الحقّ عليهم ، إعلاما لهم بأنّ ما هو الموجود عندهم باطل ، وإرشادا لهم بأنّه لا يمكن لأحد التقوّل في ذلك إلّا بوحي إلهيّ ، فيكون حجّة عليهم ، وتقدّم الكلام في مادة (تلو) ، وقلنا : إنّها بمعنى تبع ، ومنها التلاوة ، لمتابعة الكلمات بعضها تلو بعض. ولم تكد تستعمل إلّا في قراءة كلام الله تعالى المجيد ، قال تعالى : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٢١]. أي : يقرءونه ويتّبعونه حقّ اتّباعه.
والنبأ : هو الخبر الذي له شأن من الفائدة والجدارة بالاهتمام ، فلا يقال لكلّ خبر نبأ.
والمراد ب (آدم) هو أبو البشر الذي ورد ذكره في القرآن الكريم بهذا الاسم. وأبناه هما اللذان من صلبه ، والمعروف في كتب التاريخ أنّهما هابيل الذي تقبّل الله تعالى قربانه المحسود عليه ، وقابيل الحاسد وهو القاتل أخاه ظلما وعدوانا.