يجعله في الطريق الصحيح والاستفادة منه على الوجه المطلوب ، ومن جملة تلك ما ورد في هذه الآيات الكريمة على ما ستعرف ، فكانت في هذه القصة العبرة والموعظة والتعريض ببني إسرائيل على ما فعلته من الجرائم وتحريضهم على الإيمان بالحقّ ونبذ الحسد والتباغض والعناد.
قوله تعالى : (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً).
القربان كفعلان ، ما يتقرّب به إلى الله تعالى وغيره من ذبيحة وغيرها ، وهو في الأصل مصدر ، ويجمع على قرابين أيضا ، وقد غلب استعماله عندنا في ذبائح النسك. والسياق يدلّ على أنّ كلّ واحد منهما قرّب قربانا يتقرّب به إلى الله تعالى ، وتشهد به الروايات الآتية ، واحتمال أنّهما قرّبا قربانا واحدا كانا شريكين فيه ، ضعيف.
ولم تبيّن الآية الشريفة ماهيّة القربان ولا كيفيّة التقرّب به ، فإنّ لكلّ قوم شأنا فيها ، والقربان معروف عند أهل الكتاب إلى هذا اليوم.
قوله تعالى : (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ).
التقبّل هو القبول ، لكن مع اهتمام بالمقبول وزيادة عناية به ، فيكون أخصّا منه ، وإنّما تقبّل من أحدهما لأنّه أخلص النيّة لله تعالى ورضي بحكمه وعمد إلى أحسن ما عنده ، ولم يتقبّل من الآخر ، لأنّه لم يخلص النيّة في قربانه وسخط بحكم الله تعالى ولم ينل من التقوى شيئا.
ولم تبيّن الآية الشريفة كيفيّة القبول ولا طريق علمهما به ، ولكن ورد في بعض الروايات أنّ القبول كان محسوسا ، وذلك بورود نار إلهيّ تأكل القربان ، ويشهد له قوله تعالى : (بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ).
وكيف كان ، فهو لا يضرّ بعد أن علما بالقبول.
قوله تعالى : (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ).
توعيد بالقتل ممّن لم يتقبّل منه القربان وهو القاتل ، لفرط الحسد الذي نشأ من قبول قربان أخيه ورفعة شأنه عند ربّه عزوجل ، والظاهر من الآية المباركة أنّ