وذكر بعضهم أنّ اسم الإشارة يرجع إلى قوله تعالى : (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) ، أي : كان ذلك سببا لندامته ، ولكنّه بعيد كما هو معلوم ، فإنّ ندامته لم تغيّر الواقع ، وإنّ جنايته هي التي سببت ندامته ، فكانت فاجعة عجيبة وسببا للكتابة على بني إسرائيل.
قوله تعالى : (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ).
استثناء من قتل النفس المحرّم ، وهو ما إذا كان قتل النفس مقابل نفس اخرى ، أي القود والقصاص ، الذي أثبته عزوجل في قوله الآتي : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ، وقد أباحه في قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) [سورة البقرة ، الآية : ١٧٨].
والباء للمقابلة ، أي : من قتل نفسا بغير قتل نفس يوجب القصاص والقود ، كما ذكرنا التفصيل في الفقه ، ومن شاء فليرجع إلى كتابنا (مهذب الأحكام).
قوله تعالى : (أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ).
أي : بغير فساد ، وهو عام يشمل كلّ ما يقابل الصلاح. وقد ورد بعض المصاديق في الكتاب والسنّة ، منها ما يذكره عزوجل في الآية التالية : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً).
ومنها : الشرك وقطع الطريق والخروج على الإمام المعصوم عليهالسلام ، ونحو ذلك ممّا ستعرف.
ومنها : القتل بغير سبب من تلك الأسباب التي أذن بها الشارع ، فالقتل كذلك يكون فسادا في الأرض.
قوله تعالى : (فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً).
لأنّ الفعلين يشتركان في الفظاعة وهتك حرمة الدماء وعصيان الله تعالى ، ولأنّ الواحد بمنزلة النوع ، فمن استحلّ دم أحد بغير حقّ ، فقد استحلّ دم غيره وهانت عليه المآثم وارتكاب المحرّمات وهتك الحرمات بلا وازع ديني أو غيره.
قوله تعالى : (وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً).
أي : ومن كان سببا لحياة نفس محترمة بانقاذها من الهالك وموجبات