لسلوكه مسلك الأمور المشاهدة ، وإتيان (ثمّ) الدالّ على التراخي في الرتبة والاستبعاد ، وللدلالة أيضا على أنّه متمّم للكلام السابق.
والمعنى : لقد جاءتهم رسلنا بالبراهين الواضحة ، وبيّنوا لهم آثار سفك الدماء وقتل النفس المحترمة ، وحذّروهم من عواقبها ، ولكنّهم أصرّوا على الاستكبار وأسرفوا في الأرض بالقتل ، وفرّطوا في شأن الأحياء ، وهتكوا المحارم وسفكوا الدماء وجاوزوا الحقّ ، فلم تغن عنهم تلك السيئات ، ولا اهتدت نفوسهم ولم تتهذّب عقولهم.
والإسراف في كلّ شيء هو التجاوز عن حدّ الاعتدال مع عدم المبالاة به ، قال تعالى في شأن نهي ولي المقتول عن تجاوز حدّ القصاص : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) [سورة الإسراء ـ ٣٣] ، والغالب في استعماله في مورد الإنفاق ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) [سورة الفرقان ، الآية : ٦٧].