بحوث المقام
بحث أدبي :
(إذ) في قوله تعالى : (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) ، ظرف منصوب بقوله تعالى : (نَبَأَ) وجوّز بعضهم أن يكون متعلّقا بمحذوف وقع حالا منه ، وأشكل عليه بوجوه مذكورة في الكتب المطوّلة.
وقيل : إنّه بدل من النبأ على حذف المضاف ، أي : اتل عليهم النبأ نبأ ذلك الوقت.
وردّ بأنّ (إذ) لا يضاف إليها إلّا الزمان ، نحو : يومئذ وحينئذ ، والنبأ ليس بزمان. وأجيب عنه بالمنع بأنّه لا فرق بين نبأ ذلك الوقت ونبأ (إذ).
وقال الزمخشري : يقال : قرّب صدقة وتقرّب بها ، لأنّ تقرّب مطاوع قرب. وردّ بأنّ تقرّب ليس من مطاوع قرب ، لاتّحاد فاعل الفعلين ، والمطاوع يختلف فيه الفاعل ، فيكون من أحدهما فعل ومن الآخر انفعال ، نحو : كسرته فانكسر ، فليس قربت صدقة وتقرّبت بها من هذا الباب.
ويجاب عن ذلك بأنّ حقيقة المطاوعة إنّما هي تجاوز الفعل عن الفاعل ، سواء كان هناك فعل آخر أم لم يكن ، ففي الحديث : «من عادى وليّا لي فقد بارزني بالمحاربة» ، وما ذكره المستشكل هو الغالب ، لا أن تتقوّم حقيقة المطاوعة به ، فافهم.
وتقدّم الكلام في قوله تعالى : (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) ، ونزيد هنا أنّ المعروف في علم النحو أنّه إذا اجتمع قسم وشرط ، كان الجواب للسابق منهما إذا لم يتقدّمهما ذو خبر ، وفي المقام يمكن أن تكون الجملة جوابا للقسم ، وعرفت أنّ الجملة في غاية الفصاحة والبلاغة ، فقد تضمّنت المبالغة في نفي أنّه ليس من شأنه القتل ولا ممّن يتّصف به ، بل تبرّأ عن مقدّمات القتل ، فضلا عنه.