وقوله تعالى : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ) من التطوّع ، وهو الانقياد ، وأصله طاع ، أي : انقاد ، ثمّ عدّي بالتضعيف ، فصار الفاعل مفعولا ، وقرئ فطاوعت ، بمعنى فعل ، و (له) لزيادة الربط ، ولا يتمّ الكلام والربط بدونه.
و (أصبح) في قوله تعالى : (فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) ، بمعنى صار ، ولم يدلّ على الوقت ، والجملة تدلّ على المبالغة على خسرانه ، إذ لم يقل سبحانه : «فأصبح خاسرا».
والغراب طائر معروف ، ويجمع في القلّة على أغربة ، وفي الكثرة على غربان ، وقيل : إنّه مشتقّ من الاغتراب.
و «كيف» في قوله تعالى : (كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ) ، منصوب بقوله : «يواري» ، والجملة استفهاميّة في موضع مفعول ثان ل «يريه».
والاستفهام في قوله تعالى : (يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ) ، للتعجّب من عجز نفسه ، والمعروف (يا ويلتا) بألف منقلبة عن الياء ، وقرئ (يا ويلتى) على أصل ياء المتكلّم.
وما في قوله تعالى : (فَكَأَنَّما) في الموضعين كافّة مهيّئة لوقوع الفعل بعدها ، و «جميعا» حال من «الناس» ، أو تأكيد.
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على اُمور :
الأوّل : يدلّ قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ) على أهميّة هذا النبأ وعظمته ، ولا غرو في ذلك فإنّه أوّل قتل وقع على هذه البسيطة ، وأوّل حدث يكشف عن غريزة البشر التي جبلت على التباين والاختلاف والتحاسد ، المفضي إلى البغي والظلم والقتل وما يترتب على ذلك من آثار ، وأوّل موضوع بيّن وجه الحكمة في ما شرّعه الله تعالى من الأحكام على البغاة والظالمين والقتلة من الأفراد والجماعات والشعوب والقبائل ، وأوّل حادثة بيّنت احتياج الإنسان إلى الأحكام