الاعتماد على واحد منها مع غضّ النظر عن المصادر الاخرى ، ويدلّ على ما ذكرناه قوله تعالى : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) [سورة النحل ، الآية : ٧٨] ، وآيات اخرى وردت في مواضع متفرّقة ، وبسبب هذه النظرية الشاملة اتّسعت المعرفة الإنسانيّة وشملت جميع الأمور ، حتّى ما وراء الحسّ ، وعليها ابتنت مسألة التوحيد التي هي أبعد المسائل عن الحسّ ، ولكن استثنت هذه النظرية بعض المسائل عن المعرفة أو خصّصتها ببعض الطرق والينابيع ، كما هو الشأن في استنباط الأحكام الشرعيّة وتشخيصها ، فخصّ العلم بها بالوحي والفطرة وما ورد في الكتاب والسنّة الشريفة ، وكذا في التفكّر والتذكّر ، فخصّهما بما إذا لم يكن فيه إبطال للسلوك العلميّ الفكريّ ، أو مخالفا للتقوى ، والبحث نفيس يأتي في الموضع المناسب تفصيل الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
الثامن : يدلّ قوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ) ، على أنّ هذه القصة التي ذكرت بهذا التصوير الرائع للطبع الإنسانيّ ليست هي الوحيدة في نوعها ، فإنّ الطبع يقضي باتّباع الهوى والحسد ، فيأتي بما يماثلها ، فيحمله على ارتكاب المآثم إن وافقته الأسباب على المنازعة وإبطال غرض الخلقة بارتكاب جريمة القتل ، فكانت هذه القصة هي السبب في تشريع حكم إلهيّ يحفظ الأفراد من مثل هذه الجريمة ، فاعتبر الإنسان أفراد نوع واحد وأشخاصا لحقيقة متّحدة ، يحمل الفرد الواحد من الإنسانيّة ما يحمله الكثيرون والنوع ، فجعل الاعتداء على الواحد كالاعتداء على النوع ، والإحياء له إحياء للنوع ، لما فيه من حفظ الكرامة الإنسانيّة وتحقيق الغرض الإلهيّ من خلقة هذا النوع.
بحث روائي
في الكافي بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ الله