بحوث المقام
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأوّل : يدلّ قوله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ، على أنّ محاربة الله ورسوله من الأمور المبغوضة عند الفطرة الإنسانيّة ، حيث لم يذكر سبحانه وتعالى حكم المحاربة ، وأوكله إلى الفطرة ، وذكر جزاءها الذي يدلّ على أنّها من المعاصي الكبيرة التي أوعد الله تعالى عليها النّار ، والمحاربة مع الله تعالى ورسوله معلومة لكلّ إنسان تدعو فطرته إلى عبادة خالقه والوفاء بعهوده ، التي منها الالتزام بأداء التكاليف ومراعاة حقّ العبوديّة معه عزوجل ، ولأجل ذلك أطلق الكلام في المقام ولم يذكر خصوصيات المحاربة ، وإن بيّن في بعض الموارد وفي مواضع من القرآن الكريم والسنّة الشريفة ، قال تعالى في النهي عن الربا : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٧٩].
والمستفاد من جميع ذلك أنّ المحاربة تتحقّق بمحاربة الشرع ومقاومة تنفيذه والاستهزاء بالأحكام الإلهيّة وهتك حرمات الله تعالى ، ويدلّ على ذلك التعليل الوارد في بناء المنافقين لمسجد ضرار : (وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) [سورة التوبة ، الآية : ١٠٧] ، وعموم الآية الشريفة يشمل الجميع ، فلا تختصّ المحاربة بالمسلمين فقط ، بل يشمل الكفّار أيضا ، فكلّ من انطبق عليه عنوان المحارب مع الله ورسوله ، يشمله حكمه وينفذ فيه جزاؤه في جميع الأعصار وبأي شكل كانت المحاربة.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) ، على أنّ مجرّد