وقعت فيه الأمم الماضية. وقد حذّرنا الله تعالى منها أشدّ تحذير ، نسأله جلّت عظمته الهداية والتوفيق لما فيه الخير والسعادة.
قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا).
بيان لنواقض الطهارة وموجباتها ، وهي على قسمين : الحدث الأكبر الذي يوجب الغسل ، وهي الجنابة. والحدث الأصغر الموجب للوضوء ، وهو البول والغائط. ثمّ يذكر عزوجل مسوّغات التيمّم ، وبه تتمّ الطهارات الثلاث مع ذكر موجباتها ونواقضها وواجباتها.
والجنب بضم الجيم والنون ، من أصابته الجنابة ، التي هي معروفة عند المكلّفين ، ولها سببان :
أحدهما : ما ذكره عزوجل في ما يأتي (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) ، الذي هو كناية عمّا يستقبح ذكره ، أي : الوقاع والجماع ، بلا فرق بين خروج المني وعدمه ، فإنّ الموجب هو الدخول.
والثاني : خروج المني في اليقظة أو المنام ، كما دلّت عليه السنّة الشريفة ، على ما يأتي في البحث الروائي.
والجنب مصدر استعمل بمعنى الوصف ، ويقع على الواحد ، والاثنين والجمع ، والمذكر والمؤنث ، كما يقال : رجل عدل ، وامرأة عدل وقوم عدل. وتقدّم الكلام في اشتقاقه ومعناه في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) [سورة النساء ، الآية : ٤٣].
والطهارة : تطلق تارة ، ويراد منها المعنى المصدري ، أي : نفس الفعل الذي هو الاغتسال. واخرى : يراد بها معنى الاسم المصدري ، أي : الأثر الحاصل من الغسل ، والمراد بها في المقام المعنى الأوّل ، أي : الاغتسال ، كما دلّ عليه قوله تعالى : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) [سورة النساء ، الآية : ٤٣] ، وكذلك دلّت عليه جملة من الأخبار ، وقد استدلّ بعضهم بالتبادر أيضا.