اللهَ وَرَسُولَهُ ـ إلى آخر الآية)».
أقول : ما ذكره الراوي من أنّ المحارب يختصّ بالمشركين ، وردت بذلك روايات ذكرها السيوطي في الدرّ المنثور ، وإنّ مقتضاها تفوق أهل الشرك على المسلمين في هذا الحكم ، وهذا ممّا لا يرضاه العقل والنقل ، كما أشار إليه الإمام عليهالسلام ، ولا يخفى أنّ الرواية من باب التطبيق لا التخصيص ، والله العالم.
بحث عرفاني :
تقدّم سابقا أنّ الأسباب في تطهير النفوس المنحرفة عن فطرتها المستقيمة وتزكيتها كثيرة جدا ، بل عن بعض أنّها معسورة الحصر ، وعدّوا منها الحدود والتعزيرات ، كما ورد في بعض الروايات التصريح بذلك.
والتعبير بأنّ الحدود والتعزيرات فيوضات إلهيّة ومكارم ربانيّة لأجل صلاح المجتمع وإصلاحها في عالم الشهادة والفوز بالمقامات السامية في عالم الآخرة ، كان مطابقا للواقع. هذا كلّه إذا لم تكن الجريمة ممّا يوجب غضبه تعالى وسخطه ، وإلّا لا يطهّره الحدّ والتعزير في عالم الشهادة ، لأنّ الظرف غير قابل لذلك ، فينتقم الله منه في عالم الآخرة ، ولعلّ ما ورد في بعض العقوبات أنّه لم يجعل الشارع له حدّا خاصّا في الدنيا لأجل ذلك وأنّه يوجب سخطه.
إن قلت : إنّ الصفات السيئة والأفعال القبيحة كلّها توجب غضبه وسخطه ، وإنّ الحدود جزاء شرعيّ ، وإنّ العقاب تابع لسخطه وغضبه.
قلت : أوّلا : أنّ غضبه وسخطه لهما مراتب متفاوتة شدّة وضعفا ـ بل متابينة ـ وأنّ الحدود توجب رفعهما وإزالة الجريمة والخبث الباطنيّ ، فيرضى الله عنه.
وثانيا : أنّ الحدود توجب محو الذنوب ، وإنّها كالتوبة ، وبعد ذلك لا وجه لأنّ يكون العبد مورد غضبه وسخطه.
والحاصل : أنّ الغضب الإلهيّ والسخط الربانيّ يرتفعان بما قرّره الشارع