والأكبر ، كما أنّ المراد من سبيله هو الجهاد في ما يرتضيه تبارك وتعالى.
فيكون المعنى : جاهدوا أنفسكم بحملها على اتّباع الحقّ وابتغاء الوسيلة إليه عزوجل ، وكفّها عن الأهواء ، وجاهدوا أعداء الله تعالى الذين يصدّون عن الحقّ ، واحتمل بعضهم أن يكون المراد منه هو الجهاد مع الكفّار ، نظرا إلى تقييده بكونه في سبيل الله تعالى ، الذي إذا ذكر مع الجهاد يكون المراد منه القتال ، بخلاف ما إذا أريد الأعمّ فإنّه يكون خاليا عن التقييد ، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [سورة العنكبوت ، الآية : ٦٩].
وعلى هذا ، يكون ذكره بعد الأمر بابتغاء الوسيلة إليه من قبيل ذكر الخاصّ بعد العامّ لأهمّيّته. إلّا أنّه ممّا يبعد هذا الاحتمال سياق الآية الشريفة والقرائن المحفوفة بها ، التي تدلّ على أنّ المراد منه الأعمّ ، والتقييد بكونه في سبيل الله لا يصرفه عن المعنى العامّ ، لا سيما بعد كون الجهاد مع النفس من أصعب الأمور ، وتتداخل فيه كثير من الأوهام والظنون ، وهو مزلّة الأقدام وممتحن الرجال ، فلا بدّ من تحديد مسلكه وتعيين طريقه بكونه في سبيل الله ، لئلّا يكون مرتع الشيطان ، ونظير هذا قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢١٨].
قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
أي : إذا تحقّق ذلك كلّه منكم فهو السبب للفوز بالفلاح ، الذي هو أقصى الغايات وأبعدها ، فإنّه الوصول إليه عزوجل والفوز بكرامته والسعادة في المعاش والمعاد ، وهذا هو الكمال الذي يسعى إليه الإنسان في سعيه وتحمّله الجهد والمشقّة في ابتغاء مرضاة الله تعالى والتقرّب إليه.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً).
تعليل لمضمون ما قبله ، وتأكيد على وجوب مراعاة الأحكام السابقة ، وترغيب في المسارعة إلى تحصيل الوسيلة إليه عزوجل ، وبيان إلى بطلان ما توسّل به الكفّار يوم القيامة للنجاة من العذاب. والآية تدلّ على أنّ سبب الفلاح والنجاة