والآية الشريفة تبيّن أنّ للطهارة إطلاقين ، أحدهما نفس الفعل الذي هو الاغتسال ، كما بيّنته آية النساء والآخر الطهارة الحاصلة بالغسل ، فإنّها أثر مترتّب على الفعل الذي هو الغسل.
والجملة : عطف على جزاء الشرط الأوّل ، أي : إذا قمتم إلى الصلاة وكنتم جنبا فتطهّروا.
وقيل : إنّها عطف على جملة الشرط السابق ، فلا تكون حينئذ مندرجة تحت القيام إلى الصلاة ، بل هي مستقلّة برأسها ، فتدلّ الآية الكريمة على وجوب الغسل لنفسه ، واستدلّوا على هذا القول بأمور سيأتي ذكر بعضها في البحث الأدبي.
ويستفاد من سياق الآية الكريمة المبالغة في أمر الصلاة ، والتأكيد على الطهارة ومطلوبيتها لنفسها. كما أنّها تدلّ على شرطيّة الطهارة لطبيعة الصلاة ، وكفاية الغسل للدخول في ما يشترط فيه الطهارة ، كالصلاة ، ومسّ كتابة القرآن ، وقراءة آية السجدة في سور العزائم الأربع ، والدخول في المساجد وغير ذلك ، لأنّ المسوّغ في الدخول في ذلك كلّه إنّما يكون بالطهارة ورفع الجنابة ، وهو إنّما يتحقّق بالاغتسال ، وتدلّ عليه جملة من الروايات ، والمسألة محرّرة في كتب الفقه فراجع.
قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى).
شروع في مسوّغات الطهارة الترابيّة بعد ذكر الطهارة المائيّة ، وبيان لموارد ترك الوضوء والغسل وإتيان بدلهما وهو التيمّم. وقد ذكر عزوجل جملة من الأمور تجمعها عناوين ثلاثة : العجز ، والمشقّة ، وعدم وجدان الماء ، فتكون المذكورات في الآية المباركة بعض المصاديق لها ، وهي الأربعة التي يكثر ابتلاء المكلّفين بها وتصاحب فقدان الماء ، إما غالبا كالمرض والسفر ، أو اتفاقا كالتخلّي ومباشرة النساء ، فتدخل في أحد العناوين الثلاثة المتقدّمة.
ولكن ما ذكره عزوجل منه ما يكون حدثا بنفسه يستوجب الطهارة ، كالأخيرين المعطوفين على الأوّلين بكلمة (أو). ومنه ما لا يكون كذلك ، بل يكون