بحوث المقام
بحث أدبي :
الظرف في قوله تعالى : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) ، متعلّق ب (الوسيلة) قدّم عليها للاهتمام ، وهي صفة لا مصدر حتّى يمتنع تقدّم معموله عليه ، وقيل : متعلّق بالفعل قبله. وقيل : بمحذوف وقع حالا منه. و (لو) في قوله تعالى : (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ) ، خبر (ان) في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وجوابها (ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ). و (مثله) في قوله تعالى : (وَمِثْلَهُ مَعَهُ) ، معطوف على (ما) في قوله تعالى : (ما فِي الْأَرْضِ) ، الذي هو اسم (أن) و (لهم) خبرها. وقيل غير ذلك. وإنّما ذكر (لو) لتهويل الأمر وتفظيع الحال. و (جميعا) توكيد للموصول ، أو حال منه. وقال بعضهم : إنّ (الواو) في (وَمِثْلَهُ مَعَهُ) بمعنى (مع) ، فيتوحّد المرجوع إليه. وقد فصّل الكلام في المقام بما لا تستدعيه الحال ، ومن شاء فليراجع الكتب المفصّلة.
ولم يذكر عزوجل الافتداء المفهوم من الكلام ، إيذانا بأنّه أمر محقّق الوقوع غني عن الذكر ، وللمبالغة في تحقّق الرد. وذكر بعضهم أنّ الجملة : «ما تقبّل منهم» تتضمّن التمثيل ، ويقصد منها تنزيل التفصي عن العذاب منزلة من يكون له ذلك الأمر العظيم ويحاول التخلّص من العذاب فلا يتقبّل منه ، وقال بعضهم : إنّه لا يراد منها الاستعارة التمثيليّة ، بل إيراد مثال وحكم يفهم منه لزوم العذاب لهم. و (يريدون) في قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ) ، ظاهر في المعنى الحقيقي ، وقيل : محمول على معنى : يكادون يخرجون منها لقوّتها وشدّة عذابها.
وكيف كان ، فإنّ في ذكر هذه الحكمة الدلالة على شدّة الحاجة. والإتيان بالجملة الاسمية : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) ، المصدّرة ب (ما) الدالّة على تأكيد النفي لدخول الباء في خبرها ، فيه الدلالة على سوء حالهم باستمرار عدم خروجهم