منها ، فإنّها تدلّ على دوام الثبوت. أما قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) ، فالقراءة المعروفة فيهما هي الرفع على الابتداء والخبر محذوف ، والتقدير حكمهما ، وقيل : الخبر هو جملة (فاقطعوا). وردّ بأنّ الفاء لا تدخل إلّا في خبر المبتدأ الموصول بظرف أو مجرور أو جملة صالحة لأداة الشرط. وقرئ بالنصب على تقدير اقطعوا السارق والسارقة ... فيكون النصب على الاشتغال. وردّ بما هو مذكور في الكتب المفصّلة فراجع.
والجار والمجرور في قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، خبر مقدّم ، و (مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مبتدأ ، والجملة خبر (أن) ، وهي مع ما في حيزها سادة مفعولي (تعلم).
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأوّل : تعتبر الآية الشريفة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) ، من الآيات المعدودة التي اشتملت على أهمّ المعارف الربوبيّة ، وهو علم المبدأ والمعاد ، والسبيل الموصل إليه تعالى والفوز بكرامته في الآخرة ، والتوجيهات السامية والإرشادات القيّمة التي تعدّ المؤمن إعدادا علميّا وعمليّا وعقائديّا للفوز بالسعادة والفلاح. فقد احتوت من المعارف على أسماها ، ومن الكمالات على أعلاها ، ومن المكارم على أشرفها وأغلاها ، وعالجت أهمّ قضية من قضايا المؤمن بأسلوب موجز فصيح. فأمر عزوجل أوّلا بالتقوى لأنّها أساس كلّ كمال ، وأصل التخلية عن الرذائل والتحلية بالفضائل ، وهي المعدّة لابتغاء الوسيلة إليه عزوجل ، والمقتضية لامتثال التكاليف الإلهيّة والجهاد في سبيله ، ثمّ إنّ ابتغاء الوسيلة إليه عزوجل من أعظم غايات خلق الإنسان ، فهو العلّة للدخول في رضوان الله تعالى والفوز بكرامته ، وسيأتي في البحث الروائي ما