(الابتغاء) الدالّة على التحمّل المكرّر والجهاد المرير ، وما ذكر من الجزاء الذي أعده لمن يبتغي الوسيلة وهو الفلاح والنجاة.
الثالث : يدلّ قوله تعالى : (وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) ، على أنّ المجاهدة إنّما تكون بعد التوسّل بالوسيلة ، وأما قبله فلا سبيل له حتّى يجاهد ، فيستفاد منه أنّ الجهاد لا بدّ أن يكون بأمر من الإمام المعصوم وتحت إرشاده.
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) على أنّ الفلاح هو الغاية القصوى من عمل الإنسان ، لأنّه الجامع لجميع الكمالات الواقعيّة ، ولذا نرى أنّه لم يذكره عزوجل إلّا بعد بيان جملة من الإرشادات والتعليمات التي تعدّ المؤمن لتلقّي هذا الجزاء العظيم ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٢٠٠] وغيرها من الآيات الكريمة.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ) ، أنّ الخلاص من العذاب منحصر في التوسّل بالوسيلة والمجاهدة في سبيله ، وأنّ من كفر فلا طريق له إلى الخروج من العذاب ولا منجى له من سخطه عزوجل وعقابه.
السادس : يدلّ قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ) ، على أنّ الاختيار ثابت في الآخرة أيضا ، فلو كان مسلوبا عن الناس يومئذ لما صحّت الإرادة من أهل النار بالخروج منها ، فهم يقصدون ذلك ويطلبون المخرج منها ، ولكنّهم مقهرون فيها ، لأنّه سبقت كلمته عزوجل أن يعذّب الظالمين بالنار. ففي الحديث : «يقال لأهل الجنّة : لكم خلود ولا موت ، ولأهل النّار : يا أهل النّار خلود ولا موت».
السابع : يدلّ قوله تعالى : (جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ) ، على أنّ الحدود التي شرّعها الله تعالى في هذه الدنيا إنّما هي جزاء على الأفعال التي اكتسبها الناس ، ويطابق الجزاء مع العمل ، كما أنّها حدود تربويّة إصلاحيّة لإصلاح النفوس