أقول : هذه الرواية حاكمة على جميع أخبار الباب ، لأنّها بين النفي والإثبات ، وبمضمونها روايات اخرى من الخاصّة والجمهور عمل بها المشهور من الفقهاء.
ففي صحيح البخاري ومسلم بإسنادهما عن عائشة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «لا تقطع يد السارق إلّا في ربع دينار فصاعدا».
وبإزائها روايات اخرى تدلّ على أقلّ من ذلك أو أكثر ، ولكنّها إما محمولة أو مطروحة ، كما فصّلناه في كتابنا (مهذب الأحكام).
ويستفاد من صحيحة محمّد بن مسلم أنّ حكم القطع عن الأقلّ ارفاقي وتخفيف من الله تعالى ، رحمة منه بعباده.
ما ورد في حدّ السرقة :
ذكرنا في آية الوضوء والتيمم أنّ اليد في الإنسان تطلق على ما هو المحدود من أطراف الأصابع إلى الكتف ، وتطلق على أبعاض ذلك أيضا ، إطلاق اسم الكلّ على الجزء بقرينة خاصّة حاليّة أو مقاليّة ، وهذا يجري في آية السرقة أيضا وإن كانت مطلقة ، إلّا أنّ الروايات دلّت على أنّ القطع مقيّد بجزء خاصّ ، ويدلّ على ذلك ما رواه الكليني في الكافي عن الصادق عليهالسلام : «أنّه سئل عن التيمم ، فتلا هذه الآية : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) ، وقال (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ، قال : فامسح كفّيك من حيث موضع القطع».
أقول : المستفاد منه أنّ اليد محدود فيهما ، وأنّ القطع يقع على جزء من اليد التي يجب غسلها في الوضوء.
وفي التهذيب عن إسحاق بن عمّار ، عن موسى بن جعفر عليهالسلام قال : «تقطع يد السارق ويترك إبهامه وصدر راحته ، وتقطع رجله ويترك عقبه يمشي عليها».
أقول : الرواية تدلّ على أنّ القطع يقع على أطراف الأصابع.
وفي تفسير العياشي عن زرقان صاحب ابن أبي داود وصديقه بشدة قال : «رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم فقلت له في ذلك ، فقال :