الخمر والنبيذ المسكر ، والربا بعد البينة ـ أي بعد التحريم ـ فأما الرشا في الحكم ، فإنّ ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله» ، وسيأتي نقل بعض الروايات في البحث الروائي إن شاء الله تعالى.
وإطلاق الآية يشمل كلّ أنواع المحرّمات التي ارتكبها اليهود ، فإنّهم نقضوا العهود والمواثيق وهتكوا حرمات الله تعالى. وقد أخبر عزوجل عن جملة منها في عدّة مواضع ، ومن أعظم ما ارتكبه أحبار اليهود ورؤساؤهم الرشوة في الحكم ، التي أخبر بها عزوجل في قوله : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٨].
قوله تعالى : (فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ).
تفريع على ما سبق ، أي : إذا كان حالهم كما عرفت ، فإن جاءك اليهود للتحكيم بينهم ، فأنت مخيّر بين أن تحكم بينهم أو تعرض عنهم ، ومن المعلوم أنّ التخيير إنّما يتّبع المصالح التي يراها صلىاللهعليهوآله.
والخطاب وإن كان مع الرسول صلىاللهعليهوآله إلّا أنّ الحكم فيه عامّ لجميع حكّام الشرع المبين.
ولعلّ ما ورد عن الباقر صلىاللهعليهوآله مأخوذ من هذه الآية الشريفة ، قال عليهالسلام : «إنّ الحاكم إذا أتاه أهل التوراة والإنجيل يتحاكمون إليه ، كان ذلك إليه إن شاء حكم بينهم وإن شاء تركهم» ، وثبوت التخيير له صلىاللهعليهوآله لا ينافي الحكم بينهم بما أنزل الله ، كما في قوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) ، فإنّه يدلّ على أنّه إذا اختار الحكم بينهم ، فلا بدّ أن يكون الحكم بما أنزل الله تعالى من القسط ، لا أن يكون بما هو الموجود عندهم.
قوله تعالى : (وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً).
تفصيل بعد إجمال وبيان لحال الأمرين ، وفيه تضمين لرسوله الكريم صلىاللهعليهوآله من أي ضرر يحتمل أن يصيبه من قبلهم ، كما أنّ فيه التقرير للتخيير المزبور بأنّه ليس