والإسلام دين الله تعالى ، قال عزوجل (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٩]. فهو دين جميع الأنبياء ، وأنّه الدين الواحد الذي يجمع جميع الأديان الإلهيّة ، وفيه التعريض باليهود بأنّهم بمعزل عن الإسلام ودين الله تعالى.
واللام في (للذين) للاختصاص ، أي : يحكمون لأجلهم وبما يرجع نفعه إليهم ، فهم المستفيدون من تلك الأحكام ، لأنّها نزلت في سبيل سعادتهم سواء أكانت تلك الأحكام لهم أم عليهم ، وفيه التعريض بهم أيضا بأنّهم أعرضوا عمّا هو نافع لهم.
ولا تختصّ الآية الشريفة بأنبياء بني إسرائيل ، فإنّ في التوراة أحكاما إلهيّة لا تقتصر على امّة واحدة ، وإنّ القرآن العظيم مصدق لها كما نطق به التنزيل غير موضع.
قوله تعالى : (وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ).
الربّانيون : أي المنسوبون إلى الربّ ، وهم العلماء المنقطعون إلى الله تعالى العرفاء به علما وعملا ، الذين لهم شأن في تربية الناس بالتربية الربّانيّة. وفي الحديث المعروف عن علي عليهالسلام : «أنا ربّانيّ هذه الامّة» ، أي : مربّيهم تربية إلهيّة.
وتقدّم الكلام في اشتقاق هذه الكلمة في قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٤٦].
ومادة (حبر) تدلّ على الجمال والزينة ، ويقال : شعر محبّر ، أي : مزيّن بنكت البلاغة. وثوب محبّر ، أي : منقش بالنقوش ، ومنها الحبرة ، أي : البردة ، وهي ثوب ذو خطوط بألوان متعدّدة.
والأحبار جمع الحبر (بفتح الحاء وكسرها). والمراد بهم العلماء العاملون الذين يحكمون بما أمرهم الله تعالى ، وظاهر الآية الشريفة أنّ الربانيين هم الأئمة عليهمالسلام دون الأنبياء المبعوثين الذين يربّون الناس بعلمهم ، والأحبار دون الربّانيين ، ويدلّ عليه بعض الأخبار.
قوله تعالى : (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ).
تعظيم لشأنهم ، والضمير يرجع إلى (الربّانيون والأحبار) ، أي : بالذي