هذه الآيات الشريفة ، وهي مطلقة لا تختصّ بالقضاء ، فتشمل التكوينيّات والتشريعيّات ، كما لا تختصّ بالحكم بغير ما أنزل الله تعالى ، بل يشمل عدم الحكم بما أنزله الله تعالى أيضا. وممّا ذكرنا يظهر السرّ فيما ورد عنهم عليهمالسلام في القضاء : «لا يجلس فيه إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ أو شقي» ، وقد اختلف المفسّرون في تفسير الآيات السابقة ، وأنت في غنى عن بيان ضعف كثير ممّا ذكروه بعد ما عرفت.
بحوث المقام
بحث أدبي :
جملة : «ولم تؤمن قلوبهم» ، حال من ضمير (قالوا). وقيل : إنّها عطف على (قالوا) ، وأما قوله تعالى : (وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) ، فهو عطف على قوله : (مِنَ الَّذِينَ قالُوا) ، وقوله تعالى : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : هم سماّعون ، وذكرنا ما يتعلّق بالضمير في التفسير فراجع. واللام في قوله : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) للتقوية ، وقيل : لتضمين السماع معنى القبول. ومنه : «سمع الله لمن حمده» ، أن تقبّل منه حمده.
واعترض على ذلك بوجوه. وقيل : إنّ اللام للعلّة والمفعول محذوف ، أي : سماّعون كلامك ليكذبوا عليك. والأمر سهل بعد وضوح المعنى وتلازم الوجوه ، فإنّ الجملة جارية مجرى التعليل للنهي. والكلام في (اللام) في قوله تعالى : (سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ) ، نفس الكلام في (اللام) السابقة. و (آخرين) صفة ل (قوم) ، وجملة : (لم يأتوك) صفة اخرى ، وقوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) ، صفة ثالثة ل (قوم) ، وإتيان الفعل المضارع للدلالة على استمرارهم على التحريف بيانا لإفراطهم في العتو والمكابرة والاجتراء على الله تعالى.