إلى الحقّ وما أنزله الله تعالى ، وأمرهم عزوجل بتطبيق ذلك ، فكانت هذه الآيات جامعة لجملة كثيرة من وجوه الباطل التي تصدّ عن الحقّ وتمنع من تطبيقه.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) ، على أنّ النفاق من مظاهر الكفر ، بل أنّه من المسارعة فيه ، وقد قرن الله تعالى المنافقين بالذين هادوا ، الذين وصفهم عزوجل بأوصاف تدلّ على خبثهم وكمال جرأتهم على الله تعالى في نقضهم العهود والمواثيق وارتكابهم المحرّمات ، كما أنّه عزوجل وصف المنافقين بأوصاف عديدة في غير هذا الموضع من القرآن الكريم ، تدلّ على أنّهم أضرّ بالحقّ وأهله من غيرهم من الكفّار ، وشنّع عليهم ، وأظهر نواياهم الخبيثة ، وأمر المؤمنين بالحذر منهم ومعالجة النفاق وإصلاح المنافقين بطرق قويمة. فإنّه من مرض القلب الذي يصعب علاجه إلّا بما بيّنه عزوجل.
الثالث : يدلّ قوله تعالى : (يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) على أنّ الإصرار على سماع الكذب مرجوح في حدّ نفسه ، وأنّ كثرة الجلوس مع الكذّابين يوشك أن يعدّ منهم ، وتدلّ عليه جملة من الأحاديث. ففي الخبر : «كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكلّ ما سمعه».
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) على أنّ التحريف إنّما كان عن علم وعمد منهم لكتاب الله تعالى وأحكامه المقدّسة وتشريعاته الحكيمة ، وهذا يدلّ على شناعة فعلهم وكمال بعدهم عن الحقيقة وضلالهم واستكبارهم على الله تعالى ، ويؤكّد ذلك قوله عزوجل حكاية عنهم : (يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا).
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) ، أنّ بعض المعاصي والآثام يوجب قطع العصمة بين من يرتكبها وبين الله تبارك وتعالى ، فلا تؤثّر شفاعة الأنبياء والمعصومين عليهمالسلام ولا دعاؤهم في رفع ما حلّ به نتيجة المعاصي وما جناه من الأفعال الشنيعة ، وتدلّ عليه جملة من الآيات