سعيد بن جبير ومقسما ، قال : فما قال مقسم؟ فأخبرته بها ، قال : صدق ، ولكنّه كفر ليس ككفر الشرك ، وفسق ليس كفسق الشرك ، وظلم ليس كظلم الشرك. فلقيت سعيد بن جبير فأخبرته بما قال ، قال سعيد بن جبير لابنه : كيف رأيته؟ قال : لقد وجدت له فضلا عليك وعلى مقسم».
أقول : ظهر ممّا سبق الوجه في عدم اختصاص الآيات ببني إسرائيل ، والمراد من قول علي بن الحسين عليهالسلام : «كفر ليس ككفر الشرك ...» بعض مراتب الكفر والفسق والظلم ، وأنّ الشرك أعلاها مرتبة.
وفي تفسير العياشي عن أبي العباس عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «قال علي عليهالسلام : من قضى في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر. قلت : كفر بما أنزل الله ، أو بما أنزل على محمّد صلىاللهعليهوآله. قال : ويلك إذا كفر بما أنزل على محمّد فقد كفر بما أنزل الله».
أقول : المراد منه أنّه لا فرق في موارد القضاء بغير ما أنزل الله بين أن يكون عظيما أو حقيرا. وظاهره عدم الفرق أيضا بين أن يكون الحكم بغير ما أنزله الله تعالى. وعدم الحكم بما أنزله الله تعالى ، وذيل الرواية يدلّ على أنّ ما جاء به نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله هو ممّا أنزل الله تعالى ، فالحكم على خلافه حكم بغير ما أنزل الله ، ومن جملة ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله ولاية أوصيائه المعصومين عليهمالسلام واتّباع أوامرهم ، فيكون الردّ عليهم ردّا على الرسول صلىاللهعليهوآله ، والردّ عليه كفر بالله العظيم ، ويدلّ على ذلك ما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة : «الرادّ علينا كالرادّ على الله تعالى».
وروى الشيخ في التهذيب عن زرارة عن أحدهما عليهماالسلام في قول الله عزوجل : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ) ، قال عليهالسلام : هي محكمة».
أقول : ذكرنا سابقا أنّ هذه الآية من الآيات الحكيمة التي قرّرتها جميع الشرائع الإلهيّة ، لا سيما الشريعة الإسلاميّة ، فقد فصّلتها وبيّنت جميع خصوصياتها.
وفي الدرّ المنثور أخرج ابن مردويه عن رجل من الأنصار عن النبي صلىاللهعليهوآله في قوله تعالى : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) ، قال صلىاللهعليهوآله : «الرجل تكسر سنّه أو تقطع يده ، أو يقطع الشيء ، أو يجرح من بدنه فيعفو عن ذلك فيحطّ عنه قدر