خطاياه ، فإن كان ربع الدية فربع خطاياه ، وإن كان الثلث فثلث خطاياه ، وإن كانت حطّت عنه خطاياه كذلك».
أقول : روى مثله الديلمي عن ابن عمر ، ويدلّ عليه بعض الروايات المنقولة عن الأئمة الهداة عليهمالسلام ، كما عرفته في التفسير. ولعلّ ذكر الدية مع أنّ العفو إنّما كان عن القصاص ، لأنّها قابلة للتبعيض ، بخلاف القصاص الذي لا يكون قابلا له.
بحث كلامي :
يدلّ قوله تعالى : (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ) ، على المنزلة العظيمة التي منحها عزوجل لهذه الطوائف الثلاث ، النبيّين والربّانيين والأحبار ، فقد جعلهم تعالى حكّام الشرع المبين الذين يحكمون بما أنزل الله لبسط العدل بين الناس وإقامة النظام الربّاني فيهم ، وإيصالهم إلى الكمال المنشود ، كلّ حسب لياقته واستعداده. والمستفاد من الآية الشريفة أنّ الأنبياء هم الأصل في هذا المنصب الجليل ، ثمّ يأتي في المرتبة الثانية الربّانيون الذين هم حفظة الشرع المبين ببيان الحقائق وكشف ما أبهم من الشريعة ، ثمّ الأحبار الذين هم أمناء الله على أحكامه المقدّسة ، ولا ريب أنّ تلك لا يمكن أن تنال إلّا إذا توفّرت شروط الولاية والإمامة ، والآية تبيّن أهمّ تلك الشروط ، وهي ثلاثة :
الأوّل : كونهم ربّانيين يدعون إلى الله تعالى قولا وعملا ، وقد تقدّم الكلام في معنى هذه الكلمة في سورة آل عمران. وهي لم ترد في القرآن الكريم إلّا في صفات الأنبياء والأوصياء.
الثاني : العلم الحاصل من تعليم الله تعالى لهم خصوصيات الشريعة والكتاب ، بل الآية الكريمة تدلّ على معنى أدق ، لأنّ الحفظ يدلّ على العلم والتحفّظ على ما علم من الضياع والتبديل والتغيير ، فيكون أخصّ من مجرّد العلم ،