التفسير
قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ).
تعظيم لشأن القرآن الكريم ، وتنويه بعظيم فضله وتفوّقه على سائر الكتب الإلهيّة ، وبيان بأنّه الفرد الكامل الحقيق بأن يسمّى كتابا على الإطلاق ، فكان هو الجدير بأن ينصرف إليه لفظ الكتاب ، وتظهر أهميّته بعد التصريح باسم كتاب موسى عليهالسلام ، وكتاب عيسى عليهالسلام ، فيكون اللام للعهد والتعظيم. و (بالحق) حال مؤكّدة من الكتاب ، أي : أنزلناه حال كونه بالحقّ ، وإطلاقه يشمل نزوله وعلومه وأحكامه وجميع شؤونه ، فهو حقّ من حقّ وفي حقّ ، فلا يأتيه الباطل من أيّة جهة من جهاته.
قوله تعالى : (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ).
بيان لأحد أوصاف القرآن الكريم ، وهو أنّه مصدّق لما بين يديه من الكتب الإلهيّة التي نزلت من عند الله ، ومقرّر لما جاء فيها من الأحكام ، إلّا ما نسخه الإسلام ، وفي الآية الشريفة الشهادة على أنّها كتب إلهيّة ، وأنّ الرسل الذين جاءوا بها لم يفتروها من عند أنفسهم ولم يكذبوا في رسالتهم وتبليغهم بها.
قوله تعالى : (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ).
وصف ثان له يدلّ على عظيم شأنه بين الكتب ، ومادة (همين) تدلّ على السلطة على شيء لأجل القيام بشئونه ، ويستلزم ذلك المراقبة والاهتمام والشهادة ، وهذه حال القرآن الكريم بالنسبة إلى الكتب الإلهيّة ، فإنّه القائم بشئونها والمتسلّط عليها بحفظها ومراقبتها وأنواع التصرّف فيها ، فهو كتاب تبيان لكلّ شيء ، كما وصفه عزوجل في غير المقام ، فيحفظ ما يكون قابلا للحفظ كالأصول الثابتة ، وينسخ ما يكون قابلا للتغيير والتبديل ، كالفروع التي تتغيّر حسب حاجات الإنسان وما يقع في طريق استكماله ، قال تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ