الأحكام والتكاليف المجعولة ، ومعرفة مقدار صبركم على الطاعة وصبركم عن المعصية ، ويتميّز الصالح منكم عن الطالح والمحسن عن المسيء.
قوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ).
بيان لحقيقة واقعيّة دخيلة في تشريع الشرائع ، ودعوة إلى التحلّي بالفضائل ومكارم الأخلاق ، بعد بيان وجه من وجوه الحكمة في اختلاف الشرائع التي أنزلها عزوجل في سبيل سعادة الإنسان ، إلى أن وصلت إلى شريعة خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله التي حازت قصب السبق على جميع الشرائع ، فصارت حاوية لجميع الكمالات المعنويّة والظاهريّة ، فإذا كان أمر الشرائع هكذا فابتدروا بالالتزام بما جاء فيها من الأحكام التي في خيركم وصلاحكم ، وانتهزوا الفرصة بالمسارعة بالعمل بها ، فإنّ ذلك هو المقصود من تلك الشرائع ، فلا تشغلوا أنفسكم بما جاء فيها من الاختلاف ، فإنّه إعراض عن الهدى واتّباع للهوى ، والاستباق أخذ مسبق ، والخيرات اسم جامع لكلّ الفضائل والمكارم وما يرجع إلى صلاح الإنسان وسعادته وما ينفعه في الدنيا والآخرة ، وإتيانه جمعا إما لأجل تعدّد الشرائع أو تعدّد الخير في الشريعة الختميّة ، فتكون زيادة في الدعوة إلى الإيمان بها ، ويؤيّد الأخير قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ...) [سورة آل عمران ، الآية : ١٣٣] ، وتقدّم التفسير فراجع.
قوله تعالى : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
تعليل لاستباق الخيرات ، وفيه وعد للمؤمنين الذين استبقوها وبادروا إلى طلب مرضاته عزوجل ، ووعيد لمن شغل نفسه بما كان سببا في شقائها ، فإنّ الجميع ترجعون إليه عزوجل فينبئكم بحقيقة ما كنتم فيه تختلفون ، ويحكم بالحكم الفاصل بين المحقّ والمبطل ، ويجد كلّ امرئ منهم جزاء عمله ، إن خيرا فخيرا وإن شرّ فشرّا.
قوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ).
بيان للقسم الأخير من أقسام الحكم والقضاء بين الناس التي تقدّم ذكرها ،