الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) ، أنّ آثار الاستباق إلى الخيرات إنّما تظهر في يوم القيامة ، يوم الرجوع إلى الله تعالى والحشر إليه ويوم الجزاء أو الحقّ ، فيجزي المستبقين إلى الخيرات الجزاء الحسن ، ويجازي الذين يختلفون في هذا الأمر على أفعالهم.
كما يستفاد من الآية الشريفة أنّ الاستباق إلى الخيرات هي الوحدة الجامعة لجميع الشتات التي تجتمع فيها جميع الكمالات ، وتطرح فيها كلّ فرقة واختلاف ، وهو الطريق الموصل إلى الله تعالى ، فهذه الآية الشريفة من الحقائق الواقعيّة التي لا بدّ أن يتأمّل الإنسان في خصوصياتها ويستفيد منها في حياته العلميّة والعمليّة ، ولأجل أهميّة هذه الآية الكريمة في حياة الإنسان فقد ذكر فيها عزوجل الضمان على نفسه ، فبيّن فيها الجزاء الفاصل بين الحقّ والباطل الذي لا يبقى معه شكّ في أمر الدين والدنيا.
السادس : يستفاد من قوله تعالى (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) ، أهميّة الحكم في حياة الإنسان ، فقد تكرّر الأمر منه عزوجل لنبيّه الكريم بالحكم بينهم بما أنزل الله تعالى ، الذي يعلم مصالحهم ويعرف خصوصياتهم وجميع شؤونهم ، فلا يحكم إلّا بالحقّ ولا ينزل إلّا ما يكون في صلاحهم وسعادتهم ، ولأجل دقّة الموضوع وخطره ، فقد نهى عزوجل عن اتّباع الأهواء التي هي أم الرذائل وأساس كلّ فساد ، لا سيما في هذا الأمر الخطير الذي قلّما يسلم منه أحد إلّا من عصمه الله تعالى ، كما يدلّ عليه قوله تعالى : (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) ، واتّباع الأهواء من موجبات الفساد ، وله مظاهر مختلفة وصور متعدّدة ، ذكر عزوجل جملة منها في مواضع متفرّقة من القرآن الكريم وبيّنتها السنّة الشريفة.
السابع : يستفاد من قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) ، لطف الله تعالى بعباده ، حيث لا يأخذهم بجميع ذنوبهم دفعة واحدة.
الثامن : يستفاد من قوله تعالى : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) ، أنّ ما سوى