واطمئنان واستقرار في إدراكاته الدينية ، فيكون ضعيف الإيمان متذبذبا فيه غير مستقرّ على خلق كريم ، ويظهر أثره على عمله ، فيصدر منه ما يناسب الكفر والنفاق ، كما في المقام ، فإنّك ترى أنّ مرضى القلوب يبتدرون في توثيق ولائهم مع الكافرين وتوكيده ، فيسارعون في هذا الطريق مسارعة من يرغب في شيء ويجدّ في طلبه. وسيأتي في البحث الأخلاقيّ مزيد الكلام في هذا المرض العجيب والداء العضال.
قوله تعالى : (يُسارِعُونَ فِيهِمْ).
تقدّم الكلام في معنى المسارعة ، وتختلف المسارعة في الشيء عن المسارعة إليه ، فإنّ الاولى حاصلة من الداخل في الشيء والثابت فيه المستقرّ ، وإنّما كانت مسارعة من مرتبة إلى اخرى ، فهم إنّما يسارعون في مولاتهم للكافرين لزيادة تمكّنهم فيها وثباتهم عليها. بخلاف المسارعة إلى الشيء الداخل فيه من خارجه.
قوله تعالى : (يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ).
بيان لبعض وجوه الضلال التي أوجبت المسارعة في مولاة الكافرين ، وهي خشية وقوعهم في المصائب والدواهي ، فيرجون منهم النصرة ، فهم لم يسارعوا فيهم لخشية إصابة الدائرة عليهم ، وإنّما يخشون إصابتها لهم فيستنجدونهم وتكون لهم يد عند ما تدور الدوائر وتكون للكافرين الدولة والسلطة الظاهريّة على المؤمنين ، وهذا من آثار مرض القلب الذي أحاط بهم فأخرجهم عن استقامة العقيدة وسلوك الطريق السويّ ، فلم يوقنوا بوعد الله تعالى ونصرته للمؤمنين ، ولم يعتقدوا بصدق وعد الله تعالى ، ولم يفكروا إلّا فيما يرجع إلى نفعهم الظاهريّ ، فأخطأ ظنّهم ولم يجنوا من دعواهم هذه إلّا الدخول في مسلك الكافرين والحلول معهم.
قوله تعالى : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ).
بيان لحقيقة من الحقائق الواقعيّة ، وهي ظهور الحقّ وغلبته على الباطل وزهوقه ، وأنّ كلّ ظلم لا بدّ أن يظهر فضيحتها ، فينقطع رجاء كلّ من طمع بالباطل وتوسّل إليه بوسائل صوّرها بصورة الحقّ ، وقد ذكر سبحانه وتعالى آنفا أنّه : (لا