قوله تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ).
الجملة في مقام بيان التقريع لحالهم وتخييب رجائهم وانعكاس تقديرهم ، لوقوع ضدّ ما كانوا يتوقّعونه ويترقّبونه ممّن تولّوهم.
واختلفوا في إعرابها ، فقيل : إنّها معطوفة على ما قبلها عطف المحلّ ، و (يقول) بالرفع على أنّه مبتدأ. وقيل : إنّها مرفوعة بغير واو على أنّها جواب سؤال محذوف تقديره : فماذا يقول المؤمنون حينئذ. وقرئ : (ويقول) بالنصب عطفا على (يأتي) ، أي : فعسى الله أن يأتي بالفتح وأن يقول. وقيل : إنّها عطف على قوله : (فَيُصْبِحُوا) ، فإنّ ندامتهم على ما أسروه في أنفسهم ، وقول المؤمنين : «أهؤلاء» جميعا تقريع لهم بعاقبة توليهم ومسارعتهم فيه.
وكيف كان ، فإنّ الجملة على كلّ حال تقريع وتوبيخ لهم كما عرفت.
أي : ويقول المؤمنون للمنافقين تعجّبا من حالهم وتقريعا لهم بعاقبة أمرهم وتبجّحا بما منّ الله على المؤمنين من الإخلاص والنصرة ، فالخطاب للمنافقين الذين في قلوبهم مرض ، واسم الإشارة لليهود والنصارى ، أي : أنّ المؤمنين يخاطبون الذين في قلوبهم مرض : أهؤلاء اليهود والنصارى الذين أقسموا بالله ببالغ الإيمان وأغلظها إنّهم لمعكم. ويمكن العكس. وقيل : إنّ المعنى : يقول المؤمنون بعضهم لبعض متعجّبين من عاقبة الذين في قلوبهم مرض : أهؤلاء الذين أقسموا بالله أغلظ الإيمان وآكدها إنّهم منكم أيها المؤمنون وعلى دينكم ، كما في قوله تعالى : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ) ، أي : يخافون.
وجميع ذلك صحيح ، وقد ورد ما يناسبه في القرآن الكريم ، وكيفما كان فالآية الشريفة تعجيب لحالهم وتبجيل للمؤمنين وتكريم لهم ووعد بالنصرة والغلبة والجزاء الحسن ، ولا اختصاص لهذا القول بالدنيا ، بل هو صادر من المؤمنين في الآخرة بعد فضيحتهم ويأسهم وانقطاع أملهم ، بل يمكن القول بأنّ ذلك حاصل في هذه الدنيا ، فإنّ المؤمن ينظر بنور الله فيرى أنّ حال هؤلاء آيلة إلى الخسران ،