قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
غاية اخرى ، وهي إعداد الإنسان إعدادا علميا وعمليا لطاعته والقيام بشكره ، ليكون سببا لدوام نعمه عزوجل ، وهو القائل : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [سورة إبراهيم ، الآية : ٧].
والآية الشريفة جمعت كلّ ما له دخل في سعادة الإنسان وما يهديه إلى الكمال المنشود ، ومن ذلك كلّه يظهر أهميّة الأحكام الإلهيّة في حياة الإنسان الظاهريّة والمعنويّة.
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ).
ترغيب إلى دوام طاعة الله سبحانه وتعالى ، وحثّ على الوفاء بعهده ، وتذكير لهم بما أنعم الله تعالى على المؤمنين من الفيوضات العليّة والمواهب الجميلة والدخول في الإسلام الذي جمعهم بعد أن كانوا متباغضين متفرّقين ، وأرشدهم إلى الكمالات والمعارف الواقعيّة بعد أن كانوا في جاهلية عمياء ، مع أنّ حالهم في الإسلام من حيث أمنهم وغناهم ، وصفاء قلوبهم ، وخلوص نياتهم ، وطهارة أعمالهم معروف لا يمكن إنكاره ، وتبيّن هذه الآية المباركة قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) [سورة آل عمران ، الآية : ١٠٣].
فيكون المراد بالنعمة في المقام تفضيلهم على سائر الناس بإرسال رسول منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ، وأنزل عليهم الكتاب الذي اشتمل على جميع المعارف الواقعيّة والتوجيهات الربوبيّة الذي فيه تفصيل كلّ شيء ، وشرع الأحكام والتشريعات التي لها الأثر الكبير في تهذيب النفوس وتزكيتها ، ويجمع الكلّ الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى دينا لهم ومنهاجا ، ولعلّ في الآية الشريفة الإشارة إلى ما ذكر في أوائل هذه السورة في قوله تعالى : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
قوله تعالى : (وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ).
الميثاق هو العهد المؤكّد ، وتذكيرهم بالميثاق لأجل دوام الطاعة وحثّهم على