فيتعجّب من حالهم وهم في غفلة من عاقبة أمرهم ، فالقول يمكن أن يكون لفظيّا صادرا من المؤمنين ، ويمكن أن يكون حكاية عمّا يدور في نفوس المؤمنين لكشف حقيقة أعداء الله تعالى والمنافقين لهم في هذه الدار الفانية ، ويرشد إلى ما ذكرناه ذيل الآية الشريفة في المقام ومواضع اخرى في القرآن الكريم.
قوله تعالى : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ).
جملة مستأنفة تبيّن حقيقة حالهم وما عليه مآلهم ، بلا فرق بين أن نقول هي حكاية المؤمنين ، أو قول الله تعالى ، فإنّ فيها التعجّب منهم من أنّه كيف آل أمرهم إلى الخسران وحبطت أعمالهم مع مسارعتهم في تولّي أعداء الله تعالى ، والشكّ في أمر الرسول صلىاللهعليهوآله وقد أعطوه الأيمان المغلّظة على أنّهم مع المؤمنين ، فحبطت أعمالهم التي كانوا يتكلّفونها نفاقا ، وخسروا ما كان يترتّب عليها من الأجر والثواب لو كانوا في إيمانهم صادقين.
وقد ذكرنا في أحد مباحثنا السابقة أنّ حبط الأعمال يختصّ ببعض الذنوب الكبيرة ، والمقام منها ، فإنّ النفاق والتلاعب بأحكام الله تعالى ممّا يوجب حبط الأعمال والخسران.