بحوث المقام
بحث أدبي :
جملة (بعضهم أولياء بعض) من مبتدأ وخبر في موضع النعت لأولياء ، وهي جملة مستأنفة تعليلا للنهي قبلها وتأكيدا لإيجاب الاجتناب ، وإنّما وضع المظهر موضع المضمر (هم) في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ، تنبيها على أنّ تولّيهم ظلم. كما أنّ الإتيان بالموصول دون ضمير القوم للإشارة بما في حيز الصلة إلى أنّ ما ارتكبوه من التولّي بسبب ما كمن من المرض.
وجملة : (يسارعون فيهم) حال المفعول ، وقيل : إنّها في موضع المفعول الثاني إذا كانت الرؤية قلبيّة ، وهو الأصحّ. وقد ذكرنا أنّ إيثار كلمة (في) للدلالة على الاستقرار والثبات في المولاة. وذكر الزمخشريّ أنّ المسارعة بالانكماش لكثرة استعماله ب (في) ، ولكن عدل عنه المفسّرين لأنّه تفسير بالأخفى.
وقوله تعالى : (يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) حال من فاعل يسارعون. والدائرة من الصفات الغالبة التي لا يذكر معها موصوفها ، وأصلها داورة ، لأنّها من دار يدور.
وقوله تعالى : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) فيه البشارة والوعد لرسوله والمؤمنين ، وقوله (أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) في تأويل المصدر وهو خبر (عسى). وقيل : إنّه مفعول به لئلّا يلزم الإخبار بالحدث عن الذات ، وهو سهل عند آخرين ، والنزاع معروف في كتب النحو.
والفاء في (فَيُصْبِحُوا) للسببيّة ، وهو عطف على (يَأْتِيَ) داخل معه في حيز خبر (عسى) ، وهما جملتان في عداد جملة واحدة ، فلذا استغنى عن الضمير العائد على الاسم. و (نادمين) خبر (يصبحوا).