ولا اتّصال بين تلك الآيات ، وفيها ما نزلت في موضوع معين وفرد خاصّ بالاتّفاق.
وبالجملة : فإنّ جميع ذلك ممّا يوجب وهن تلك الروايات ، لا سيما الأخيرة منها.
وفي الدرّ المنثور : «أخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) نزل في بني قريظة إذ غدروا ونقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوآله في كتابهم إلى أبي سفيان بن حرب يدعونهم وقريشا ليدخلوهم حصونهم ، فبعث النبي صلىاللهعليهوآله أبا لبابة بن عبد المنذر إليهم أن يستنزلهم من حصونهم ، فلما أطاعوا له بالنزول أشار إلى حلقه بالذبح ، وكان طلحة والزبير يكاتبان النصارى وأهل الشام ، وبلغني أنّ رجالا من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله كانوا يخافون العوز والفاقة فيكاتبون اليهود من بني قريظة والنضير ، فيدسّون إليهم الخبر من النبي صلىاللهعليهوآله ، يلتمسون عندهم القرض والمنفع فنهوا عن ذلك».
أقول : الرواية تؤيّد ما ذكرناه في تفسير الآية الشريفة من أنّ المراد من الولاية هي ولاية المحبّة والمودّة ، ولكنّها لا توجب تخصيص الآية أو تقييدها ، فإنّها تبيّن بعض المصاديق ، ويدلّ على ذلك ما ورد في تفسير العياشي عن أبي بصير عن الصادق عليهالسلام من تطبيق الآية على بعض الأفراد الذين أضلّوا الناس ، وأنّهم ممّن قال الله تعالى فيهم : (أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) [سورة المائدة ، الآية : ٥٣].
بحث أخلاقي :
قد عرفت أنّ الآية الشريفة : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ، تدلّ على أنّ للقلوب مرضا كما أنّ للأبدان مرضا ، بل لا يخلو من ارتباط المرضين بعضهما مع البعض