حفّت بها ، مثلا فقد ضمن الأكل في قوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ) معنى يتعدّى بهذا الحرف (إلى) ، كالضمّ ونحوه.
والقول بأنّ الباء في قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) زائدة ، باطل ، لأنّه خلاف الأصل ، وقد ذكرنا مرارا أنّه لا معنى للزيادة في القرآن الكريم ، فهي بمعنى التبعيض ، كما دلّت عليه الاستعمالات الفصيحة ، وانشد ابن مالك :
شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت |
|
متى لجج خضر لهن نتيج |
وأما قوله تعالى : (وَأَرْجُلَكُمْ) ، فقد عرفت الخلاف العظيم في إعرابه وذكرنا الحقّ في التفسير ، ونزيد هنا أنّ مجال النحو واسع ، والعمدة هو الرجوع إلى العرف والأذهان المستقيمة وكلمات الفصحاء في استفادة الظاهر من الكلام وتعيين المراد منه ، كما عرفت آنفا.
ثمّ إنّه يستفاد من تغيير الأداة في قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) مع أنّ الآية الشريفة تصدّرت بكلمة (إذا) ، اهتماما بأمر الصلاة والتأكيد عليها ، وأنّ (إذا) تدلّ على ما هو متيقن الوقوع ، تنبيها على أنّ المؤمن لا يكفّ عن إقامة الصلاة ولا يتركها بحال.
مع أنّ الاختلاف يرشد إلى أنّ مدخول (إذا) كثير الابتلاء ، بخلاف (ان) التي تدلّ على أنّ مدخولها نادر وقليل الحدوث.
وقوله تعالى : (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) في أعلى مراتب الفصاحة والبلاغة ، حيث يدلّ على نفي الفعل بنفي الإرادة. وقيل : إنّ هذا الأسلوب من مختصّات الكتاب العزيز. واختلف النحاة في اللام ، فقيل : إنّها زائدة لتأكيد المفعول. وقيل : إنّ المفعول مقدّر واللام للتعليل. والحقّ هو الثاني ، كما عرفت من عدم الزيادة في القرآن الكريم.