بحث روائي :
عن الشيخ بإسناده عن ابن بكير قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ما يعني بذلك؟ قال : إذا قمتم من النوم. قلت : ينقض النوم الوضوء؟ فقال : نعم إذا كان يغلب على السمع ولا يسمع الصوت».
أقول : يستفاد من هذه الصحيحة امور :
الأوّل : أنّ النوم ناقض للوضوء ورافع للطهارة ، ويدلّ على ذلك روايات كثيرة ذكرها المحدّثون في كتبهم واستقر عليه المذهب ، فما عن صاحب المنار في تفسيره من أنّ الشيعة ذهبوا إلى عدم نقض النوم للوضوء ، مجرّد افتراء ، وكم لهم من هذه الافتراءات على هذه الطائفة التي تلقّت أحكامها من عين صافية مرتبطة أشدّ الارتباط بالمبدأ جلّ شأنه ، لا من الأمور الوهميّة الظنيّة. وكيف كان غفر الله تعالى لنا وله.
الثاني : أنّ المدار على تحقّق النوم لا مقدّماته ، ويعرف ذلك بعلامات أقواها الغلبة على السمع ، لأنّ حاسة السمع من أدقّ الحواس ، فإذا فقدت ذهبت البقيّة غالبا ، وفي بعض الروايات : «فإن حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم ، أي : لا يسمع» ، ولعلّ ما ورد في تلقين المحتضر أن يدنو الملقّن فمه إلى اذنه أو يجعله على اذنه ، لأجل هذه الجهة ، لضعف سمعه في تلك الحالة ، أعاننا الله تعالى في تلك الشدّة.
إن قلت : إنّ الواقع خلاف ذلك ، فقد يكون حسّ اللمس أقوى ، إذ النائم يحرّكه وخز الإبرة مثلا أو وخز الهوام ، مع أنّه لا يسمع صوت من بجنبه.
قلت : على فرض الكلّية في ذلك لا ينافي ما تقدّم ، لأنّ الصوت والوخز من الأمور التشكيكيّة ، قابلة للشدّة والضعف في الجسم السليم.
الثالث : أنّ النوم ناقض لمطلق الطهارة ، سواء حصلت من الوضوء أو الغسل ، مثل غسل الجنابة أو التيمّم.